علم ، والصحيح ما قاله الشارع ، وإن لم تكن تلك النسبة أمرا وجوديا زائدا ، والسابقة عين الخاتمة ، وذلك في الحكم على المحكوم عليه ، وبالمحكوم عليه تبينت الخاتمة من السابقة ، فإن بينهما تميزا معقولا به يقال عن الواحدة سابقة وعن الأخرى خاتمة. ـ إشارة لغوية ـ أداة لو امتناع لامتناع ، فهي دليل عدم لعدم ، فإذا أدخلت عليها لا ، وهي أداة نفي ، عاد الأمر امتناعا لوجود ، وهذا من أعجب ما يسمع ، فإن الأولى أن يكون الحكم في الامتناع ، والعدم أبلغ ، لكون الداخل أداة نفي ، والنفي عدم ، فأعطى الوجود ، وأزال عن أداة لو وجها واحدا من أحكامها ، وهو قولهم لامتناع ، وما العجب في دخول هذه الأدوات على المحدثات ، وإنما العجب في دخولها في كلام الله ، ونفوذ حكمها ودلالتها في الله ، هذا هو العجب العجاب ، وقد ثبتت نسبة الكلام إلى الله ، وقد ثبت أن الذي سمعناه في تركيب هذه الحروف هذا التركيب الخاص والنسبة الخاصة أنه كلام الله ، فقد حصل فيه هذه الأدوات ، فجرى عليه حكمها ، فهل ذلك من جهتنا أو ما هو الأمر إلا كذلك؟ ـ تحقيق ـ (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) الكتاب الذي سبق هو أنت ، فإن للأعيان الثابتة في حال عدمها أحكاما ثابتة ، مهما ظهر عين تلك العين في الوجود تبعه الحكم في الظهور ، وعلى هذا تعلق علم الحق به ، فالشيء حكم على نفسه ، أعني المعلوم ما حكم غيره عليه ، وإنما يظهر لك ما بطن فيك عنك.
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٩)
مما اختص به النبي صلىاللهعليهوسلم أنه أحلت له الغنائم ولم تحل لأحد قبله ، فأعطي ما يوافق شهوة أمته ، والشهوة نار في باطن الإنسان تطلب مشتهاها ، ولا سيما في الغنائم ، لأن النفوس لها التذاذ بها ، لكونها حصلت لهم عن قهر منهم وغلبة وتعمل ، فلا يريدون أن يفوتهم التنعم بها في مقابلة ما قاسوا من الشدة والتعب في تحصيلها ، فهي أعظم مشته لهم ، وقد كانت الغنائم في حق غيره من الأنبياء إذا انصرف من قتال العدو جمع المغانم كلها ، فإذا لم يبق منها شيء نزلت نار من الجو فأحرقتها كلها ، فإن وقع فيها غلول لم تنزل تلك النار حتى يرد ويلقى فيها ذلك الذي أخذ منها ، فكان نزول النار علامة على القبول الإلهي لفعلهم ،