في حق هؤلاء فما كفر عنهم ما أصابهم في الدنيا من البلاء.
(إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣٥)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) لما كان الإيمان الذي هو نور إلهي واردا على باطن هذه الهيئة الاجتماعية النفسية ، الذي هو القلب الحقيقي المعنوي لا الصوري ، وعلى ظاهرها الذي هو النفس الملهمة ، متمكنا في القلب والنفس ، وصارا قابلين فيهما للإيمان والإسلام أولا ، ولأحكام الحق وشرعه وأمره ونهيه ثانيا ، ومقبلان على قبولهما والعمل بموجباتهما التي هي أداء الواجبات والمندوبات ، والترك والاحتراز عن المحرمات والشبهات والانحرافات ، لكن النشأة الدنيوية الحسية تقتضي أحيانا بالنسبة إلى بعض وغالبا بالنسبة إلى بعض آخر ميل النفس وانحرافها عن هيئتها الاجتماعية إلى جانب الروح الحيوانية الطبيعية العنصرية ، وغفلتها وغيبتها عن ذلك الإقبال والقبول ، فتظهر آثار الأسماء الإلهية فيها بوصف الانحرافات ويقتضي ظهور نتائجها فيها بذلك الوصف الانحرافي الموجب للألم والبعد ، فاقتضى أثر عناية الله تعالى لعباده المؤمنين أن يوقظهم من نومة الغفلة ، ويخاطبهم بقوله عزّ من قائل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) يعني والله أعلم بعد أن اهتديتم إلى الإيمان بالله ورسوله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، احترزوا بتقواكم بواسطة متابعة أمر الله تعالى ونهيه ، والحضور معهما ومع موجباتهما التي هي أداء الواجبات والمندوبات ، وترك المحرمات والشبهات والانحرافات ، عن ميلها وانحرافها عن وحدتها وجمعيتها إلى جانب كثرة روحها الحيوانية الطبيعية العنصرية ، فتغلبكم الانحرافات ، فاجعلوا نفوسكم بذلك الاحتراز في وقاية وحدة أمر الله ، وحكم نهيه والحضور مع موجباتها المذكورة ، ووقاية وحدة أثرها الروحاني وعدالة جمعيتها ، فتنصبغ آثار أسماء الله تعالى فيها بصبغة الوحدة والاعتدال الموجبين لرضاء الله تعالى وقربه ، فيقيكم ذلك الحكم والوحدة والعدالة والقرب والرضا عن أن تظهر فيكم آثار سخط الله تعالى ، التي هي من نتائج أسماء الله تعالى ، المنصبغة بأحكام انحراف