كحمر لأحمر وحمراء ، وهو منقاس في ذلك كما بيناه في موضعه. وإنما سمي الشديد الخصومة ألدّ ، اشتقاقا من لديدي الإنسان وهما جانبا الفم ، لأنّ المخاصم لك كلّما أخذت في جانب أخذ في آخر من الجدال. وقيل : من لديدي العنق ، وهما جانباه (١) ، إذ إنه شديد اللديد وهو صفحة العنق لأنه لا يمكن صرفه عما يريده ، يقال : لدّ (٢) زيد يلدّ لددا فهو ألدّ ، وفي حديث عليّ كرّم الله وجهه : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النوم فقلت : يا رسول الله ما ذا لقيت بعدك من الأود واللّدد» (٣) قال المبرد : الأود : العوج ، واللّدد : الخصومات.
ولددته اللدة ، أي غلبته في اللّدد ، وفي الحديث : «خير ما تداويتم به اللّدود» (٤) هو ما سقي الإنسان في أحد شقّي الفم ، وفي حديث آخر : «أنه لدّ في مرضه» (٥) وقيل : هو ما سقي الإنسان من وراء في أحد شقّي وجهه ، وقد التددت ذلك. والتلدّد ـ أيضا ـ التلفّت يمنة ويسرة تحيّرا من لديدي العنق لأنه كلّما التفت تحرّك لديداه.
ل د ن :
قوله تعالى : (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً)(٦) لدن : ظرف لأول غاية زمان أو مكان ، فهو متردّد بين ظرفين ، ويضاف للزمان ، ومنه قول الشاعر (٧) : [من الرجز]
سقى الرّعيدة (٨) في ظهيري |
|
من لدن الظّهر إلى العصير |
بخلاف عند ، والفرق بينهما أيضا أن عند لا يستدعي حضورا ولدن يستدعيه ؛ تقول :
__________________
(١) اللديدان : صفحتا العنق دون الأذنين.
(٢) وفي الأصل : لدد ، وصوّبناه من اللسان.
(٣) النهاية : ٤ / ٢٤٤.
(٤) النهاية : ٤ / ٢٤٥ ، اللدود : ـ بالفتح ـ من الأدوية.
(٥) المصدر السابق.
(٦) ٨ / آل عمران : ٣.
(٧) البيت من الأبيات المجهولة النسب ، وكل ما قيل إنه لراجز من طيء. ويستشهدون به على كسر نون «لدن» وقبلها حرف جر (شرح ابن عقيل : ٢ / ٥٦).
(٨) في الأصل : الرعدة. وفي ابن عقيل : تنتهض الرعدة.