النّقل. ومنه : نسخت (١) النخل : نقلتها. وتارة يكون النقل لنفس الذّات كنسخ النقل. وتارة يكون نقل مثل الشيء المنقول مع بقائه مكانه نحو : نسخت الكتاب ، أي نقلت مثل ما فيه. وهل هذا من باب الاشتراك أو الحقيقة أو المجاز؟ وأما النسخ شرعا فرفع حكم شرعيّ بدليل شرعيّ متأخّر عنه لا إلى غاية. ثم النسخ يكون على ثلاثة أوجه : أحدها أن ينسخ اللفظ والحكم معا. كما يروى أنه كان ممّا يتلى : «عشر رضعات محرمات» ثانيها أن ينسخ اللفظ ويبقى الحكم ، كما يروى أنه كان مما يتلى : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم». وثالثها عكس هذا كآيتي العدّة (٢) ؛ فإنّ الثانية منسوخة بالأولى. ثم إنّه هل يجوز النسخ إلى غير بدل أو بأثقل؟ خلاف كبير أتقنّاه في «القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز» ، وذكرنا أقسامه واختلاف الناس فيه ، فعليك بالالتفات إليه. وقرىء : «ما ننسخ» و «ما ننسخ» (٣) ، وقد حقّقنا هذا في الكتاب المشار إليه وفي «الدّرّ» و «العقد».
قوله : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٤) أي نأمر الحفظة باستنساخه وكتبه ، وذلك لإقامة الحجّة عليهم ، وإلا فالباري تعالى علم أفعالهم قبل أن يخلقهم ، وقبل أن تصدر منهم. والمناسخة : أن يموت مورّث ، ثم يموت بعض ورثته قبل أن تقسم تركة الأوّل. والتّناسخيّة : قوم يزعمون أن لا بعث ولا نشور ، بناء على مذهبهم الفاسد ، وأنّ هذه الأرواح إذا خرجت من جسد حلّت في جسد آخر ، بحسب خيريّته وشرّيته ؛ فإن كان خيّرا حلّت في جسد صالح وصورة حسنة ، وإلّا ففي أقبح صورة. فروح زيد أن تحلّ في مثله ، أو كلب ، أو ذبابة ، أو زنبور. وكذا روح الزنبور. ويذكرون على ذلك أدلّة باطلة ، وحججا داحضة ، يموّهون بها على ضعفهم ، نعوذ بالله مما خالف ما جاءت به أصحاب الشرائع صلوات الله وسلامه عليهم.
__________________
(١) وفي س : نسخ.
(٢) انظرهما في : ١ / الطلاق : ٦٥ و ٤ / الطلاق.
(٣) قراءة ضم النون لعبد الله بن عامر.
(٤) ٢٩ / الجاثية : ٤٥.