والرسول المرسل وسائر الآيات الدالّة على وجوب الإيمان بالله. قال : وجعله مناديا للإيمان ، لظهوره ظهور النداء وحثّه على ذلك كحثّ المنادي.
قال : وأصل النداء ، من النّدى ، أي الرطوبة. يقال : ثوب ند ، أي رفيع. واستعارة النداء للصوت من حيث إنّ من تكثر رطوبة فمه حسن كلامه. ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق. يقال : ندى وأندية وذلك كتسمية المسبّب باسم السّبب. وقول الشاعر (١) : [من الكامل]
كالكرم إذ نادى من الكافور
أي : ظهر ظهور صوت المنادي.
قال : وعبّر عن المجالسة بالنادي ، حتى قيل للمجلس : النادي والمنتدى والنّديّ. وقيل ذلك للجليس. قال تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ)(٢).
قلت : يجوز أن يكون قد عبّر عن أهل النادي بالنادي مجازا ، إطلاقا لاسم المحلّ على الحالّ ، كقول مهلهل في أخيه (٣) : [من الكامل]
نبّئت أنّ النار بعدك أوقدت |
|
واستبّ بعدك ، يا كليب ، المجلس |
وقيل : على حذف مضاف ، أي أهل ناديه ، وأهل المجلس ، وقوله : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)(٤) قيل : استعمال النداء فيهم تنبيه على بعدهم عن الحق في قوله (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)(٥).
قوله تعالى : (يَوْمَ التَّنادِ)(٦) هو يوم القيامة. قيل له ذلك ، نظرا إلى قوله : (وَنادى
__________________
(١) قاله العجاج ـ اللسان مادة كفر. وكافور الكرم : الورق المغطّي لما في جوفه من العنقود.
(٢) ١٧ / العلق : ٩٦.
(٣) شرح ديوان الحماسة : ٩٢٨. وفيه همزة نبئت مخففة.
(٤) ٤٤ / فصلت : ٤١.
(٥) ٤١ / ق : ٥٠.
(٦) أضاف الناسخ كلمة «وأنذرهم» وهو وهم منه ، فأسقطناها. والآية : ٣٢ / غافر : ٤٠.