قوله تعالى : (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(١) قيل : أراد به نجما بعينه كالنجم والفرقدين والثّريا ونحوهما ، ممّا يستدلّ به على المسير لجهة خاصة. ويجوز أن يريد به جنس النّجوم ، فصار النجم يطلق على الكوكب تارة وعلى المصدر أخرى ، إما بطريق الاشتراك ، وإما بطريق التسمية بالمصدر. وكذا لفظ النجوم يطلق على جمع النجم تارة وعلى المصدر أخرى ، ثمّ شبه طلوع النبات والرأي بطلوع الكوكب فقيل : نجم النبات ، والنبات نفسه نجم كما مرّ ، وإن اختصّ بنوع من النبات مما لا ساق له. ونجم له رأي ، أي طلع وظهر. وقيل هذا في قوله (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ)(٢) أي فيما نجم له من الرأي. وليس بظاهر ، بل معناه أنه ورّى لهم بذلك. وذلك أن القوم كانوا يقولون بعلم النجوم ، فقال لهم : إني نظرت في علم النجوم وظهر لي أني سأسقم. وقصد بذلك التخلف في البيوت يوم عيدهم ، ليفعل ما فعل من حطم الأصنام كما في القصة المشهورة. ويجوز أن يريد في النجم الفلانيّ ، فدلّني على سقمي أي على زعمكم. وإلا فأنبياء الله مبرّؤون من ذلك ، لا سيّما خليل الرحمن.
ونجّمت المال على فلان : فرّقته عليه في الأداء. وأصله أن يفرض قسطا عند طلوع النجم الفلانيّ مثلا ، ثم صار مطلقا في كلّ تفريق وإن لم يكن بطلوع نجم.
قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)(٣) فسّر بنجوم القرآن وبالكواكب. ويؤيد الأول قوله : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ ـ لَوْ تَعْلَمُونَ ـ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)(٤).
ن ج و :
قوله تعالى : (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا)(٥) أي خلّصناهم. وأصل النجاة الانفصال من الشيء والتقصّي منه. وذلك أنّ النجاة في الأصل المكان المرتفع ، لأنه خلّص عمّا حواليه
__________________
(١) ١٦ / النحل : ١٦.
(٢) ٨٨ / الصافات : ٣٧.
(٣) ٧٥ / الواقعة : ٥٦.
(٤) الآيتان بعدها.
(٥) ٥٣ / النمل : ٢٧.