[قال الراوندي رحمهالله :] (١) وقد كان تقدّم في وصيته أن يُحفر قبره ممَّا يلي الحائط ، بينه وبين قبر هارون ثلاثة أذرع. وقد كانوا حفروا ذلك الموضع لهارون ، فكُسرت المعاول والمساحي ، فتركوه ، وحفروا حيث أمكن الحفر ، فقال : أحفروا ذلك المكان ، فإنَّه سيلين عليكم ، وستجدون صورة سمكة من نحاس وعليها كتابة بالعبرانية ، فإذا حفرتم لحدي ، فعمّقوه وردّوها ممَّا يلي رجليَّ.
فحفرنا ذلك المكان ، فكانت المحافر تقع في الرمل الليّن بالموضع ، ووجدنا السمكة مكتوب عليها بالعبرانية : (هذه روضة علي بن موسى ، وتلكَ حفرةُ هارون الجبَّار) فرددناها ، ودفناها في لحده عند موضع قاله) (٢).
ومن المعلوم أن حفر الأرض ، وعمل سمكة من نحاس وكتابة ، لا يكون إلا من إنسان (٣) ، وبالجملة ، فالظاهر أن الحفر المزبور من آثار إسكندر ذي القرنين دون القُبَّة المنوَّرة.
قال في مجالس المؤمنين عند ترجمة الشيخ كمال الدين حسين الخوارزمي : (إنه مسطور في التواریخ ، وفي الألسنة ، والأفواه خصوصاً عند أهل خراسان ، أنه مدّة أربعمائة سنة لم تكن عمارة لائقة على قبر الإمام علي بن موسی ، وبعض الآثار التي كانت توجد عليه هي من أساس حميد بن قحطبة الطائي ، الَّذي كان في زمان هارون الرشيد حاكماً في طوس من قبله ، ولمّا توفّي دفنه في داره ، ومن بعده دفنوا الإمام عليهالسلام في تلك البقعة بجنب هارون) (٤).
__________________
(١) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.
(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٣٦٧.
(٣) ينظر عن أمر وصيته عليهالسلام : بحار الأنوار ٤٨ : ٢٧٦.
(٤) مجالس المؤمنين ٢ : ١٧٥ ضمن ترجمته الواقعة في ص ١٦٢.