[ص] ـ «وجيشه محاورة العلماء» : فإنَّها تقوِّي علمه وتعينه كمعاونة الجيش للسلطان ، فكما أن السلطان يحفظ ثغوره بالجيوش ، كذلك العالم يحفظ مسالك قلبه من هجمات جيش الجهل ، واستيلاء جنود الشيطان عليها بالمحاورة مع العلماء ، والمذاكرة مع الفضلاء ، فإنَّ لكلّ علم أسراراً لا يطّلع عليها من الكتب ، فيجب أخذها من العلماء ؛ ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوآله : «خذ العلم من أفواه الرجال» ونهی عن الأخذ ممَّن أخذ علمه من الدفاتر ، وقال صلىاللهعليهوآله : «لا يغرّنَّكم الصّحفيون» ، وأمر عليهالسلام بالمحادثة في العلم والمباحثة ، فإنَّها تفيد التفس استعداداً تامّاً لتحصيل المطالب واستخراج المجهولات.
قال صلىاللهعليهوآله : «تذاكروا وتلاقَوا وتحدَّثوا ، فإنَّ الحديث جلاء القلوب ، فإن القلوب لَتَرِينُ كما يَرِينُ السيف ، وجلاؤه الحديث».
وقال صلىاللهعليهوآله : «إنَّ الله عزَّ وعلا يقول : تذاكُرُ العلم بين عبادي ممَّا تحيى عليه القلوب الميِّتة ، إن هم انتهوا فيه إلى أمري» (١).
وفي آداب المتعلّمين : (لا بدّ لطالب العلم من المطارحة والمناظرة ، فينبغي أن يكون بالإنصاف ، والتأنّي ، والتأمُّل ، فيحترز عن الشغب والغضب ، فإنّ المناظرة والمذاكرة مشاورة ، إنما يكون لاستخراج الصواب ، وذلك إنَّما حصل بالتأمُّل والإنصاف ، ولا يحصل بالغضب والشغب.
وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من قائدة مجرد التكرار ؛ لأن فيه تكرار مع زيادة.
قيل : (مطارحة ساعة خير من تكرار شهر) ، لكن إذا كان منصفاً سليم الطبع.
__________________
(١) أوردها العلّامة الحلي في تحرير الأحكام ١ : ٣٩ الفصل السابع.