[ف] ـ «وقوسه المداراة» : فإنَّ القوس آلةٌ يُدفع بها العدوُّ البعيد ، وكذلك حسنُ الخُلُق والمداراة ، فإنَّهما يَدفع بهما صاحبهما المضرَّة الآجلة والعاجلة ؛ إذ من المعلوم أن حُسنَ الخُلُق يمنع صاحبه عن المعاصي المتعلّقة بإيذاء الخلق ، کعقوق الوالدين ، وقطع الأرحام ، والإضرار بالمسلمين ، وإساءة الجار ، فلا يقع منهم إلّا المقابلة بالمثل ـ أعني دفع الضرر وكفّ الأذى عنه ـ.
ففي الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «ما يقدم المؤمن على الله عزَّ وجلَّ بعمل ـ بعد الفرائض ـ أحبّ إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخُلُقه» (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أكثر ما تلجُ به اُمَّتي الجنَّة ، تقوى الله وحُسنُ الخُلُق» (٢).
وفي المروي بالإسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «البّر وحسن الخُلق يعمِّران الديار ، ويزيدان في الأعمار» (٣).
وبالجملة : فحسن الخُلق حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض ، ومن ثُمَّ قيل : هو حسن الصورة الباطنة التي هي صورة النفس الناطقة ، كما أنَّ حسن الخُلق هو حسن الصورة الظاهرة وتناسب الأجزاء ، إلّا أنَّ الأول قَدْ يكون مكسباً كما حقَّقناه سابقاً ، ويُعرف ذلك من الشخص بمخالطة الناس بالجهل ، والتودُّد ، والصلة ، والصدق ، واللُّطف ، والمبرّة ، وحسن الصحبة ، والعشرة ، والمراعاة ، والمساواة ، والرفق ، والحلم ، والصبر ، والاحتمال لهم ، والإشفاق عليهم
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٠٠ ح ٤.
(٢) الکافي ٢ : ١٠٠ ح ٦.
(٣) الكافي ٢ : ١٠٠ ح ٨.