قال : أعطني الكتاب ، فدفعه إليه ، فأعطاء الوزير ألفي دينار ، وسار بالكتاب إلى المكان الَّذي هو قاصده ، فلمَّا قرأ العامل الكتاب أمر بضرب رقبة الوزير ، فبعد أيام تذكّر الخليفة في أمر البدوي وسأل عن الوزير ، واُخبر بأن له أياماً ما ظهر ، وأن البدوي بالمدينة مقيم ، فتعجَّب من ذلك وأمر بإحضار البدوي ، فحضر فسأله عن حاله ، فأخبره بالقصة التي اتفقت له مع الوزير من أولها إلى آخرها ، فقال له : أنت قلت عني للناس : إنّي أبخر.
فقال : معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أتحدث بما ليس به علم ، وإنما كان ذلك مكرً منه وحسداً ، وأعلمه كيف دخل إلى بيته أطعمه الثوم وما جرى له معه.
فقال أمير المؤمنين : قاتل الله الحسد ما أعدله ؛ بدأ بصاحبه فقتله ، ثُمَّ خلع على البدوي واتّخذه وزيراً ، وراح الوزير بحسده) (١).
وأمّا الثاني : أعني عنوان الغبطة ـ فلا بأس به ـ بل هو راجع ، وهو مثل من وجد درجة من الكمال يسأل الله تعالى ويطلب منه التوفيق لما فوقها.
[د] ـ «واُذنه الفهم» : فإن من خوطب بما لا يفهم كمن خوطب بما لا يسمع ، فالعلم بلا فهم كالإنسن بلا اُذن.
[هـ] ـ «ولسانه الصدق» : فإنَّ من أعظم فوائد اللّسان انتفاع الناس بمنطقه ، وإذا لم يكن صادق اللهجة فلا يُعتمد على قوله ، ولا يُعتمد بشيءٍ من منطقه ؛ فيكون كمن لا لسان له.
وفي الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يبعث نبياً إلّا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر» (٢).
__________________
(١) المستطرف في كل فن مستظرف : ٢٩٥.
(٢) الكافي ٢ : ١٠٤ ح ١.