غزير في الدين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا (١) ، وورع تام عن الشهوات ، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه ، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ، ثُمَّ دخل العراق وأقام بها مدّة ، ما تعرض للإمامة قطُّ ، ولا نازع أحداً في الخلافة قطُّ.
ومَن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شطّ ، ومَن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حطّ. وقيل : مَن أنس بالله توحّش عن الناس ، ومَن استأنس بغير الله نهبه الوسواس ، وهو من جهة الأب ينتسب إلى شجرة النبوة ، ومن جانب الأُم إلى أبي بكر) ، انتهى (٢).
القاسم بن محمّد بن أبي بكر
وبالحري أن نذكر شيئاً من فضل القاسم وأبيه ، فإنَّ ذلك مقصد نبيه :
قال ابن خَلّکان : (أبو محمّد القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق رضياللهعنه ، ونسبه معروف ؛ فلا حاجة إلى رفعه ، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان من أفضل أهل زمانه ، روی عن جماعة من الصحابة رضياللهعنه ، ورَوي عنه جماعة من كبار التابعين.
قال يحيى بن سعيد : ما أدركنا أحداً نفضّله على القاسم بن محمّد.
وقال مالك : كان القاسم من فقهاء هذه الأُمَّة.
وقال محمّد بن إسحاق : جاء رجل إلى القاسم بن محمّد ، فقال : أنت أعلمُ أم سالم؟ فقال : ذاك مبارك سالم. قال ابن إسحاق : کره أن يقول : هو أعلم منّي فيكذب ، أو يقول : أنا أعلم منه ، فيزكّي نفسه.
__________________
(١) في الأصل : (الدين) وما أثبتناه من المصدر.
(٢) الملل والنحل ١ : ١٦٥.