النضال والدفاع عن حامية الإسلام ، قلما وقدما (١). وله في كلا المجالين مواقف مشهودة. ومصنفاته في الدفاع عن حريم الإسلام معروفة. منها : «الرحلة المدرسية» ، في ثلاثة أجزاء ، حاول فيها الرد على شبه المسيحيّين ضدّ الإسلام. ومنها : «الهدى إلى دين المصطفى» ، دافع فيه عن كرامة القرآن العتيدة في جزءين كبيرين. وغيرهما من كتب ورسائل عنيت بأهمّ المسائل الإسلاميّة العريقة.
وهذا التفسير من أفضلها ؛ حيث كان من آخر تآليفه ، فكان أدقّها وأمتنها. سوى أنه من المؤسف جدّا إذ لم يمهله الأجل ، فقضى نحبه عند بلوغه لتفسير قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً)(٢). فأكمل تفسير الآية ولحق بجوار ربّه الكريم ليوفّيه أجره حسبما وعد في الآية ، والكريم إذا وعد وفى.
وكان شيخنا العلامة البلاغي عارفا باللغات العبريّة والإنجليزيّة والفارسيّة الى لغته العربيّة. مجيدا فيها ، مما ساعده على مراجعة أهم المصادر للتحقيق عن
__________________
(١) شارك في حركة العراق الاستقلاليّة ضد الإنجليز ، في ثورة (١٩٢٠ م) الدّامية.
(٢) الآية رقم ٥٧ من سورة النساء.
لكن هنا للأستاذ الذهبي إساءة تعبير بشأن هذا المفسّر الجليل ، ينبؤك عن خبث طويّة. يقول في صفافته : «وينتهى تفسير البلاغي عند قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً ...) (التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ٤٤).
ولعلّ القضاء صبّ عليه البلاء (عام ١٩٧٧ م) حيث هلاكه في شرّ قتلة مغبّة تجاسره على أمثال هذا العبد الصالح الذي قضى حياته في الدفاع عن حريم الإسلام. لكن شيخنا البلاغي عمل عمله لله ، فكان مصداقا لقوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر / ٢٩٤).