٨ ـ الإسرائيليات في عظم خلق الجبّارين وخرافة عوج بن عوق
ومن الإسرائيليّات التي اشتملت عليها كتب التفسير ، ما يذكره بعض المفسرين ، عند تفسير قوله تعالى : (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها)(١).
فقد ذكر الجلال السيوطي في «الدرّ» كثيرا من الروايات في صفة هؤلاء القوم ، وعظم أجسادهم ، مما لا يتفق وسنّة الله في خلقه ، ويخالف ما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، وذلك مثل ما أخرجه ابن عبد الحكم عن أبي ضمرة قال : استظل سبعون رجلا من قوم موسى في خفّ رجل من العماليق!! ومثل ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن يزيد بن أسلم قال : بلغني أنه رؤيت ضبع وأولادها رابضة في فجاج عين رجل من العماليق!! ومثل ما رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، قال : أمر موسى أن يدخل مدينة الجبّارين ، فسار بمن معه ، حتى نزل قريبا من المدينة ، وهي «أريحاء» فبعث إليهم اثني عشر نقيبا ، من كل سبط منهم عين ، ليأتوه بخبر القوم ، فدخلوا المدينة ، فرأوا أمرا عظيما من هيبتهم ، وجسمهم وعظمهم ، فدخلوا حائطا ـ أي بستانا ـ لبعضهم ، فجاء صاحب الحائط ليجني الثمار ، فنظر إلى آثارهم فتبعهم ، فكلما أصاب واحدا منهم أخذه ، فجعله في كمّه مع الفاكهة وذهب إلى ملكهم ، فنثرهم بين يديه ، فقال الملك : قد رأيتم شأننا وأمرنا ، اذهبوا فأخبروا صاحبكم ، قال : فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوه من أمرهم ، فقال : اكتموا عنا ، فجعل الرجل يخبر أخاه وصديقه ، ويقول : اكتم عنّي ، فأشيع في عسكرهم ، ولم يكتم منهم إلّا رجلان : يوشع بن نون ، وكالب بن يوحنا ، وهما اللذان أنزل الله فيهما : (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ
__________________
(١) المائدة / ٢٢.