وتكفيك مراجعة عبرى إلى هذا التفسير لكي تعرف مغزى هذا النقد الخطير ، وقد أتى الذهبي بنماذج من هذا النمط العليل ، واستنتج أخيرا : أنّ الكتاب في ذاته موسوعة علمية ، ضربت في كل فن من فنون العلم بسهم وافر ، مما جعل هذا التفسير يوصف بما وصف به تفسير الإمام الرازي ؛ إذ قيل عنه : «فيه كل شيء إلّا التفسير» بل هو أحقّ من تفسير الرازي بهذا الوصف وأولى به. وإن دلّ الكتاب على شيء ، فهو أنّ المؤلف إنما يحلّق في أجواء خياله ، ويسبح حسب زعمه في ملكوت السماوات والأرض ، ويطوف في نواح شتى من العلم بفكره وعقله ، ليجلّي للناس آيات الله في الآفاق والأنفس ، وليظهر لهم أنّ القرآن قد جاء بكل ما جاء به الإنسان من علوم ونظريّات ، تحقيقا لقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(١). ولكن هذا خروج بالقرآن عن قصده ، وانحراف به عن هدفه ، ولعله إطاحة بشأنه في كير من الأحيان ، ويبدو من خلال التفسير أنّه لاقى الكثير من لوم العلماء على مسلكه هذا الذي سلكه في تفسيره ، ولم تلق هذه النزعة التفسيريّة قبولا لدى كثير من المثقّفين.
التفسير الفريد
ويتلو تفسير الجواهر ، تفسير علمي آخر أوجز منه ، هو «التفسير الفريد» تأليف العالم الفقيه محمد عبد المنعم الجمال. تفسير تحليلي موجز ، شامل لجميع آيات القرآن ، اهتم مؤلفه بالتوفيق بين الدين والعلم ، وأن يفسّر القرآن على ضوء العلم الحديث ، مسترشدا في ذلك بأبحاث من العلماء والمفسرين ، من دون بسط واستطراد. يقول في المقدمة :
__________________
(١) الأنعام / ٣٨.