وإنما هو من أكاذيب بني إسرائيل وخرافاتهم ، أو من وضع الزنادقة الخبثاء ، وألصق بالنبي زورا ، وما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليتكلم في الكونيات ، والفلكيات ، وأسباب الكائنات بهذا التفصيل ، كما حقّقنا لك آنفا. وفي هذه المرويّات من السذاجة العلمية ، والتفاهات ، ما لا يليق بعاقل ، فضلا عن أعقل العقلاء ، الذي ما كان ينطق عن الهوى.
وأيضا فهذه التعليلات لا تتّفق هي والمقررات العلمية المستقرة الثابتة ، التي أصبحت في حكم اليقينيّات اليوم. ولا ندري ، كيف يكون حال الداعية إلى الإسلام اليوم في البلاد المتقدمة في العلم والمعرفة إذا لهج بمثل هذه الأباطيل التي تضرّ بالدين أكثر مما ينال منه أعداؤه؟ ولو أن هذه المرويّات كانت في كتب معتمدة من كتب الحديث ، والرواية التي تعنى بذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة ، لكان للمنتصرين لها بعض العذر. أما وهي كما علمت غير معتدّ بها لضعف أسانيدها ، ومخالفتها للعقل ، والعلم اليقيني ، فاضرب بها عرض الحائط ولا كرامة.
ما ذكره المفسرون في الرعد والبرق في كتبهم
ومعظم كتب التفاسير بالمأثور وغيره ذكرت : أن الرعد اسم ملك يسوق السحاب ، وأن الصوت المسموع صوت زجره السحاب ، أو صوت تسبيحه ، وأن البرق أثر من المخراق الذي يزجر به السحاب ، أو لهب ينبعث منه ، على أن المخراق من نار ، وذلك عند تفسير قوله تعالى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ)(١) الآية ، ويكاد لم يسلم من ذلك أحد منهم ، إلّا أن منهم من يحاول أن يوفّق بين ظاهر الآية وما قاله الفلاسفة الطبيعيون في الرعد
__________________
(١) الرعد / ١٣.