١ ـ الإسرائيليات في قصّة هاروت وماروت (١)
روى السيوطي في «الدر المنثور» ، في تفسير قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ)(٢) روايات كثيرة وقصصا عجيبة ، رويت عن ابن عمر ، وابن مسعود ، وعليّ ، وابن عباس ، ومجاهد ، وكعب ، والربيع ، والسدّي. رواها ابن جرير الطبري في تفسيره ، وابن مردويه ، والحاكم ، وابن المنذر ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، والخطيب في تفاسيرهم وكتبهم (٣).
وخلاصتها : أنه لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله ، قالت الملائكة في السماء : أيّ ربّ ، هذا العالم إنّما خلقتهم لعبادتك ، وطاعتك ، وقد ركبوا الكفر ، وقتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنى ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ، ولا يعذرونهم ، فقيل لهم : إنهم في غيب ، فلم يعذروهم. وفي بعض الروايات : أن الله قال لهم : لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم ، قالوا : سبحانك ، ما كان ينبغي لنا. وفي رواية أخرى : قالوا : لا ، فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري ، وأنهاهما عن معصيتي. فاختاروا هاروت وماروت ، فأهبطا إلى الأرض ، وركّبت فيهما الشهوة ، وأمرا أن يعبدا الله ، ولا يشركا به شيئا ، ونهيا عن قتل النفس الحرام ، وأكل المال
__________________
(١) تركنا القلم هنا بيد الدكتور محمد بن محمد أبي شهبة في كتابه «الإسرائيليّات والموضوعات» فقد استوفى هذا الجانب استيفاء كاملا واستقصى الإسرائيليّات بشكل رتيب ، ومن ثم فقد اكتفينا على ما ذكره ، مع شيء من التصرّف والتلخيص أو الزيادة أحيانا. راجع : كتابه من ص ١٥٩ إلى ص ٣٠٥.
(٢) البقرة / ١٠٢.
(٣) الدرّ المنثور ، ج ١ ، من ص ٩٧ ـ ١٠٣. وتفسير ابن جرير ، ج ١ ، ص ٣٦٢ ـ ٣٦٧ ، ط بولاق.