والحاكم ، بسند عن أنس : أن أيوب ... ثم ذكر مثل ذلك.
والمحققون من العلماء على أن نسبة هذا إلى المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم إما من عمل بعض الوضّاعين الذين يركبون الأسانيد للمتون ، أو من غلط بعض الرواة ، وأن ذلك من إسرائيليات بني إسرائيل وافتراءاتهم على الأنبياء. على أن صحة السند في مصطلحهم لا تنافي أن أصله من الإسرائيليات ، وابن حجر على مكانته في الحديث ربما يوافق على تصحيح ما يخالف الأدلة العقلية والنقلية ، كما فعل في قصة الغرانيق ، وهاروت وماروت ، وكل ما روي موقوفا أو مرفوعا لا يخرج عما ذكره وهب بن منبه ، في قصة أيوب ، التي أشرنا إليها آنفا ، وما روي عن ابن إسحاق أيضا ، فهو مما أخذ عن وهب ، وغيره.
وهذا يدلّ أعظم الدلالة على أن معظم ما روي في قصة أيوب مما أخذ عن أهل الكتاب الذين أسلموا ، وجاء القصّاصون المولعون بالغرائب ، فزادوا في قصة أيوب ، وأذاعوها ، حتى اتخذ منها الشحّاذون ، والمتسوّلون وسيلة لاسترقاق قلوب الناس ، واستدرار العطف عليهم.
الحق في هذه القصة
وقد دل كتاب الله الصادق ، على لسان نبيه محمد الصادق ، على أن الله تبارك وتعالى ابتلى نبيه أيوب عليهالسلام في جسده ، وأهله ، وماله ، وأنه صبر حتى صار مضرب الأمثال في ذلك ، وقد أثنى الله عليه هذا الثناء المستطاب ، قال عز شأنه : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ، فالبلاء مما لا يجوز أن يشك فيه أبدا ، والواجب على المسلم أن يقف عند كتاب الله ، ولا يتزيّد في القصة كما تزيّد زنادقة أهل الكتاب ، وألصقوا بالأنبياء ما لا يليق بهم ، وليس هذا بعجيب من بني إسرائيل الذين لم يتجرّءوا على أنبياء الله ورسله فحسب ، بل تجرّءوا على