وحاصل هذا التقريب مركّب من أمرين :
١ ـ الأمر الأول ، هو : إنّه يمكن إثبات ملاك الحرمة ، بالرغم من سقوط الحرمة بالاضطرار ، وذلك بواسطة حديث الرفع الذي رفع الحكم الذي يكون موردا للاضطرار.
وتوضيح ذلك : إنّ حديث الرفع وارد مورد الامتنان ، فرفع الحرمة حال الاضطرار إنّما هو من باب المنّة ، وهذا يكشف عن وجود مقتضي الحرمة وملاكها ، وإلّا لو لم يكن مقتضاها ، موجودا ، لكان ارتفاع الحرمة باعتبار عدم وجود مقتضاها ولا يكون أيّ امتنان في رفعها حينئذ.
فظهور حديث الرفع في كونه مسوقا مساق الامتنان ، يكشف عن وجود ملاك الحكم المرفوع.
وإن شئت قلت : إنّ الأمر الأول هو عبارة عن إثبات ملاك الحرمة ، لا بالدلالة الالتزامية لدليل الحرمة ، «لا تغصب» ، بل بحديث الرفع المخصّص لأدلة التكاليف الاضطرارية ، بدعوى أنّ المرفوع بقوله «رفع ما اضطروا إليه» ، إنّما هو الحرمة فقط ، لا الملاك ، لأنّ ما هو مقتضى الرفع الامتناني ، إنّما هو رفع الحرمة والتكليف مع ثبوت مقتضيها ، لا ارتفاعها من باب عدم المقتضي لها.
٢ ـ الأمر الثاني : ويقرب بتقريبين :
أ ـ التقريب الأول ، هو : إنّه بعد أن ثبت وجود ملاك الحرمة في مادة الاجتماع ، فلا يمكن حينئذ التقرب بهذا الفعل ، لأنّ ملاك الحرمة يمنع عن ذلك ، فالمانعيّة ثابتة مع أنّ الحرمة سقطت بالاضطرار.
ولكن هذا التقريب يختص بخصوص العبادات ، باعتبار أنّ غيرها من الواجبات لا يحتاج إلى قصد القربة ليمنع ملاك الحرمة منه.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : إنّه بعد أن ثبت وجود ملاك الحرمة في مادة