والصورة الذهنية النفسانية ، بما هو مرآة فان في الخارج ، فالمطلوب ليس هو نفس المفهوم بالحمل الشائع ، لأنّه ليس مصداقا للمفهوم بالحمل الأوّلي ، كما أنّ الطلب غير متعلق ولو بالعرض ، بالوجود الخارجي لمعروضه ، وأنّما يكون الوجود الخارجي مصداقا لمحكيّ الصورة الذهنية ، ولما يتعلّق به الطلب.
وعليه ، فلا يرد حينئذ قول المشكل : بأنّ المتعلّق بالعرض ، إن كان هو الوجود الخارجي لمعروض الطلب ، لزم تأخر الطلب عنه ، لكون مرتبته متأخرة عن مرتبة المعروض بالعرض ، ومعه يلزم طلب الحاصل.
وقد تصدّى المحقق الخراساني «قده» (١) للجواب عن هذا الإشكال ، فذهب إلى أنّ الطلب يتعلق بإيجاد الطبيعة ، لا بالطبيعة الموجودة ، وحينئذ لا يلزم تعلّق الطلب بالطبيعة الموجودة كي يلزم منه طلب الحاصل.
وهذا الجواب غير تام ، ذلك لأنّه لا فرق بين الإيجاد والوجود ، بل هما بمعنى واحد ، وإنّما الاختلاف بينهما بالاعتبار ، إذ إنّ إضافة الشيء إلى الفاعل تارة ، وإلى نفسه أخرى ، لا يغيّر من الواقع شيئا ، حتى إذا كان الطلب متعلقا بإيجاد الطبيعة ، فإنه سوف يكون متأخرا مرتبة عن رتبة هذا الإيجاد لأنه إن أريد بالإيجاد الخارج ففرض فعليّة العرض فرع فعليّة موضوعه ، وموضوعه ، حاصل ، فطلبه تحصيل للحاصل وإن أريد به غير الخارج فلا يمكن طلبه.
إذن يكون طلب هذا الإيجاد إما طلبا للحاصل ، وإمّا طلبا لما لا يمكن طلبه.
وعليه ، فيبقى إشكال طلب الحاصل على حاله.
والصحيح ، إنّ حل هذه العويصة يعرف من خلال ما تقدم ، وذلك لأنّه
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ص ـ ٢٢٢ ـ ٢٢٣.