إذن ، فينبغي أن يقال : بأنّ انتفاء شرط المجعول ، تارة يكون انتفاء ضروريا قهريا ، وتارة أخرى يكون انتفاء باختيار المكلّف.
أمّا الأول : من قبيل أن يقول الآمر : «إذا وجدت في مكانين في زمان واحد فتصدّق» ، فهنا الشرط منتف بالضرورة والقهر ، لامتناعه في نفسه ، كما في اجتماع الضدّين ، من دون فرق بين أن يكون انتفاء الشرط بسبب غير الجعل ، كما لو كان ممتنعا في نفسه ، كما في المثال ، أو كان انتفاؤه بسبب الجعل نفسه ، كما لو قال : «إذا لم يجعل عليك وجوب الصّدقة ، فتجب عليك الصّدقة».
فهنا ، الشرط في المجعول هو عدم الجعل ، وهذا الشرط منتف بنفس الجعل. إذن يستحيل فعليّة هذا المجعول ، لأنّه بنفس هذا الجعل ينتفي موضوع المجعول لانتفاء شرط جعله بنفس هذا الجعل.
وفي كلتا الحالتين ، يكون الجعل هذا مستهجنا عقلائيا ، حتى لو فرض إمكانه عقلا ، لأنّه بعث مشروط بشرط لا يتحقق ، بل هو مستهجن حتى لو فرض إمكان أن يكون الغرض في نفس الجعل ، فإنّ هذا ليس غرضا عقلائيا من الجعل.
وأما القسم الثاني ، وهو ما لو كان الانتفاء اختياريا :
فتارة يكون الانتفاء بنفس الجعل ، أي إنّ منشأ انتفاء الشرط هو نفس الجعل ، كما لو قال : «من أفطر في يوم رمضان على حرام متعمدا ، فعليه كفارة الجمع بين عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا» ، فإنّ هذا الجعل مستلزم لانتفاء شرط هذا الجعل خارجا ، إذ بسبب هذا الجعل امتنع الناس عن الإفطار ، خوفا من الكفارة ، فامتنع الشرط.
وتارة أخرى : يكون منشأ انتفاء الشرط غير ناحية الجعل ، بل يكون منشؤه هو نفسه ، بقطع النظر عن الجعل ، كما لو كان الشرط متأصلا رفضه في عمق الوجدان وطبع الإنسان ، فرفضه ثابت في طبع الإنسان بقطع النظر