خطاب ، لسان دليله مقيّد بعدم الاشتغال بواجب آخر ، تقدّم عليه في مقام التزاحم ، كلّ خطاب لم يكن مقيّدا بمثل هذا القيد ، وذلك بأحد بيانات نستعرضها تباعا :
١ ـ البيان الأول هو : أن يستظهر من إطلاق القيد ، أنّ كل واجب آخر ينبغي أن يتقدم على هذا الواجب في مقام المزاحمة ، بل يكاد لا يزاحمه أصلا ، وهذا ظهور عرفي واضح ، فيما إذا افترض اتصال الخطابين أحدهما بالآخر ، وقيّد أحدهما بعدم الاشتغال بالآخر.
٢ ـ البيان الثاني ، وهو مؤلّف من مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى هي : إنّ المستظهر ـ من إطلاق التقييد بعدم الاشتغال بواجب آخر ـ هو إنّ أيّ واجب آخر يفترض بنحو القضية الحقيقية ، فلا يزاحمه هذا التكليف ، وهذا لا يمكن إلّا إذا كانت القدرة على هذا التكليف شرعية ، أي : أن تكون دخيلة في ملاكه ، وإلّا لو كانت هذه القدرة عقلية ، فلعلّ ملاك هذا التكليف يكون أهم من بعض الواجبات المستلزم لعدم صحة التقييد ، إلّا إذا فرضت القضية خارجيّة ، وأنّ المولى بنفسه لاحظ ملاك هذا الواجب مع كل واحد من أحكامه ، فوجده مساويا ، أو مرجوحا منها جميعا.
وهذا خلاف ظهور التقييد في كونه على نهج القضية الحقيقية ، كما عرفت آنفا ، وبهذا يتبرهن على كون القدرة فيه شرعية.
ب ـ المقدمة الثانية هي : أن يقال : بأنّ مقتضى إطلاق دليل الخطاب المطلق أن تكون القدرة فيه عقلية ، ولكن لا مطلقا ، وإنّما بالقياس إلى خصوص الخطاب المشروط بالقدرة الشرعية ، وذلك لأنّ مقتضى التمسك بإطلاقه لحال الاشتغال بالخطاب المشروط بالقدرة الشرعية ، هو كونه فعليا خطابا وملاكا ، ولا يشكّل هذا تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية لمخصّصه اللّبي ، بدعوى أنّ الخطاب مقيد في نفسه بعدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه أهمية ، وفي المقام يحتمل ذلك ، لأنّ المخصص اللّبي إنما يكون بمقدار