فإمّا أن يريد الدلالة التصورية ، بمعنى أن هذه الجملة تدل على مفهوم قصد الحكاية ، وبحيث ينطبع في ذهن السامع تصورا صورة هذا المفهوم.
وإمّا أن يريد الدلالة التصديقية ، كما هو صريح كلامه بحيث تكون هذه الجملة كاشفا عن وجود فرد جزئي ، من قصد الحكاية في نفس المتكلم.
والأول : بديهي البطلان باعتبار أن هذه الدلالة التصورية التي توجب نقش هذا المفهوم تصورا في ذهن السامع هي من شئون نفس كلمة قصد الحكاية ، لا من شئون (زيد عالم) ، فعند ما نسمع قصد الحكاية يرتسم في ذهننا مفهوم قصد الحكاية. فالذي يدل على هذا المفهوم هو نفس لفظ قصد الحكاية لا (زيد عالم) وإلّا للزم الترادف ، وهو واضح البطلان.
والثاني : لا نسلم به ، فالمشهور لا ينكرون أن جملة (زيد عالم) لها دلالة تصديقية ، وقصد ، وكشف عن وجود قصد الحكاية في نفس المتكلم ، لكن هذه الدلالة التصديقية ليست دلالة وضعية ، وكلامنا في الدلالة الوضعية لجملة (زيد عالم). فنحن برهنا سابقا في حقيقة الوضع أن الدلالة التي تتحصل ببركة الوضع تكون دائما دلالة تصورية ، فدلالة هذه الجملة دلالة تصورية ، والدلالة التصديقية التي يتبنّاها السيد الأستاذ (١) ، وإن كنا نقبل بها ، لكن بحسب الحقيقة خارجة عن محل الكلام ، ومحل الكلام هو تشخيص المعنى الموضوع له هذه الجملة ، وتشخيص الدلالة التصورية والوضعية. أما الدلالة التصديقية فهي ناشئة كما ألمحنا سابقا من قرائن حالية وسياقية ، كما يأتي توضيحه فيما بعد.
الإشكال الثاني : وحاصله إنّ الوجدان قاض بوجود سنخ معنى محفوظ في تمام موارد استعمال جملة «زيد عالم» ، فهي تارة تقع مبتدأ وخبرا ، كما في قولنا : «زيد عالم» ، وأخرى تقع مدخولا لأداة الاستفهام كما في قولنا : «هل
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ١ / ص ٨٦ ـ ، ٨٧.