القرينة ، والمنساق في المقام عدم الوجوب بقرينة كون الوصية للوالدين والأقربين من أنحاء البر. نعم لو كان المورد واجبا كالديون المالية تكون الوصية واجبة ، كما قرر في الفقه مفصلا.
ومادة حضر تأتي بمعنى وجود الشيء بحيث يمكن أن يدرك بإحدى الحواس ، وهي من الصفات ذات الإضافة المتقومة بأكثر من واحد. ويعم استعمال هذا اللفظ بالنسبة إلى الدنيا والآخرة ، والخالق والمخلوق فإن من أسماء الله الحسنى [حاضر] فهو تعالى حاضر لدى الخلق بالحضور الإيجادي الإحاطي ، كما أن الخلق حاضر لديه تعالى بالحضور العلمي. وقال تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) [سورة النساء ، الآية : ١٢٨] ، وقال تعالى : (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) [سورة يس ، الآية : ٥٣] ، وقال تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) [سورة آل عمران ، الآية : ٣٠].
ولو قيل إنّ الحضور بمعناه العام الشامل لجميع الموجودات ـ من الجواهر والأعراض والواجب والممكن ـ هو شعاع من حضور الأحدية المطلقة فيما سواها لكان حقا ، فالكل منه تعالى والجميع يعود إليه عزوجل ، ولعلنا نتعرض لهذا البحث النفيس في ما يأتي إن شاء الله تعالى.
والمراد من حضور الموت حصول موجباته التي ليس لها حد محدود. وقد نسب الحضور إلى الموت في هذا المقام ، والآيات التي ذكر فيها حضور الموت ولم ينسب إلى الشخص ، ولعله لعدم تهيئة النفوس واستعدادها له ، أو لعدم أنسها به كما هو الشأن بالنسبة إلى أولياء الله تعالى ، فقد نسب إلى علي (عليهالسلام) انه قال : «والله ان ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه ما يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه».
قوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) الخير معروف أي كل ما فيه نفع ، وهو من الأمور النسبية الإضافية التشكيكية ، وله مراتب كثيرة.
والمراد به كل ما فيه النفع عينا كان أو منفعة ، ولكن نسب إلى