بحث روائي :
في الكافي عن الصادق (عليهالسلام) : «قد كان إبراهيم (عليهالسلام) نبيا وليس بإمام حتّى قال الله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). من عبد صنما ، أو وثنا لا يكون إماما». ومثله ما رواه الشيخ المفيد لكن بزيادة «أو مثالا».
أقول : يأتي إن شاء الله تعالى أن إمامته (عليهالسلام) إنما جعلت له في أواخر عمره وبعد رسالته واصطفائه تعالى له كما في قوله سبحانه وتعالى : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٣٠].
وأما عدم لياقة من عبد الصنم ، أو الوثن ، أو المثال للإمامة فهو قريب من الفطريات ، لأن صرف وجود الإشراك به تعالى يسقطه عن هذا المقام الرفيع.
إن قيل : روى الفريقان عنه (صلىاللهعليهوآله) : «الإسلام يجبّ ما قبله» فكيف لا يليق بالإمامة بعد الإسلام. (يقال) : الجب عما قبل الإسلام ، وقبول الإسلام والتوبة شيء ووصول النفس إلى مقام الإمامة العظمى شيء آخر ، ينبو عنه الطبع حتّى مع توبته كما هو المشاهد بالوجدان.
وما ذكر في الحديث إنما هو من باب المثال لكل ظلم كما هو الظاهر من إطلاق الآية الشريفة ، وليس المقام من باب الإطلاق والتقييد ، لإباء الإطلاق ـ في مقام إفاضة هذا المنصب العظيم الإلهي الأبدي المستلزم لتشريع القوانين الإلهية ـ عن التقييد بهذه الثلاثة.
في الكافي أيضا عن الصادق (عليهالسلام) : «إن الله عزوجل اتّخذ إبراهيم (عليهالسلام) عبدا قبل أن يتخذه نبيا. وإن الله تعالى اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا. وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه إماما ، فلما جمع له الأشياء قال : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). قال (عليهالسلام) : لا يكون السفيه إمام التقي». وقد روي بطريق آخر أيضا.