قوله تعالى : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ). بيان لعداوته مع الإنسان بإفساد فطرته وبصيرته بغوايته وإضلاله مما يوجب ابطال أعماله ومعتقداته.
والمراد بالأمر هنا الدعوة إلى السوء والفحشاء وتزيينهما للإنسان وإيجاد دواعيهما لديه.
والسوء كل ما يغم الإنسان في الدنيا أو في الآخرة ، أو فيهما معا. والفحشاء ما يستعظم قبحه من الأفعال ، والأقوال وهو أعظم من السوء ، فان كل فحش سوء ولا عكس.
ويستفاد من الآية المباركة أنّ كل سوء وفحشاء يقعان في العالم إنما هو من فعل الشيطان ومن طرق إضلاله وغوايته فلا يرجى منه الخير والصلاح.
قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). أي : ويأمركم ان تفتروا على الله وتنسبوا إليه عزوجل ما لا تعلمون أنه من شرعه ودينه ولا يختص ذلك بخصوص الأحكام الشرعية وتحليل الحرام أو تحريم الحلال بل يشمل العقائد الباطلة والآراء المزيفة التي لم يقم دليل على صحتها كما يشمل ما ينسب إلى أنبيائه ورسله (عليهالسلام) افتراء فإن الإضافة إليهم إضافة إلى الله تعالى ، ففي جميع ذلك افتراء على الله واعتداء على حقه ، وقد سئل الباقر (عليهالسلام) عن حق الله تعالى على العباد قال (عليهالسلام) : «ان يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون» فيكون كل اعتقاد أو رأي في أصول الدين أو فروعه لم يمضه الشارع الأقدس داخلا في الآية الشريفة وما في سياقها ولذلك ذكر العلماء أنّ الأصل عدم الحجية في الرأي والاعتقاد إلّا إذا قامت الأدلة القطعية على الحجية وقد تعرضنا لذلك في علم الأصول فراجع كتابنا [تهذيب الأصول] وسيأتي تتمة الكلام عند قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) [سورة الحاقة ، الآية : ٤٦].
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا). ألفينا بمعنى وجدنا مع اتخاذ ذلك عادة والايتلاف به. والضمير