الثالث : الإجماع من جميع المسلمين على وجوب التوبة ، وهو مما لا ريب فيه.
الرابع : دليل العقل : فإن حدوث المخالفة والبقاء عليها قبيح عقلا ، وترك كل قبيح عقلي واجب عقلا وشرعا ، ولا يتحقق ذلك إلّا بالتوبة.
وبتقريب آخر : إنّ المعاصي من المهلكات ، وإنّها تجلب الضرر على العاصي ؛ ولا ريب في وجوب دفع الضرر عقلا.
فورية وجوب التوبة :
بعد ما ثبت أصل وجوبها يكون هذا الوجوب فوريا ، وتدل عليه أمور :
الأول : ظاهر أدلة وجوب التوبة عن المعاصي.
الثاني : قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) [سورة النساء ، الآية : ١٧].
الثالث : إنّ بقاء العصيان في النفس من أقذر القذارات المعنوية والفطرة تحكم بفورية إزالتها.
الرابع : الإجماع القائم على الفورية.
الخامس : الأخبار الكثيرة الدالة عليها منها : رواية مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد (عليهالسلام) عن آبائه (عليهمالسلام) قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : «طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كل ذنب استغفر الله» ، وفي وصية النبي لأبي ذر قال (صلىاللهعليهوآله) : «اتق الله حيثما كنت وخالق النّاس بخلق حسن ، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها» ، وفي وصية لقمان لابنه «يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة».
ومنها الروايات الكثيرة الدالة على إمهال العاصي سبع ساعات ، فقد ورد في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار ، فإن قال : استغفر الله الذي لا إله إلّا هو