وقال تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٥] ، وقال تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [سورة التين ، الآية : ٣].
والمراد منها ما ورد عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في قوله يوم فتح مكة : «إن الله حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، ولا تحل لي إلّا ساعة من النهار» وأمثال ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تدل على أصل الحرمة والاحترام التي كانت قبل الخلق ، ودعاء إبراهيم (عليهالسلام) إنما كان تأكيدا لما سبق وترغيبا للنّاس ، لا أن تكون دعوة مستأنفة.
والأمن المستعمل في القرآن إما أخروي ، أو دنيوي ، أو هما معا. والأول كقوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) [سورة الحجر ، الآية : ٤٦] وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) [سورة الدخان ، الآية : ١٥]. وللثاني موارد كثيرة منها الآيات المباركة الواردة في المقام.
والمراد بالأمن إما للإرشاد إلى أن المحل محل لا ينبغي أن يقع الظلم فيه مطلقا ، فيكون تنبيها للعقل والعقلاء إلى عظمة المحل ، كما ورد في تعظيم القرآن ، والوالدين ، والمؤمن ، فتترتب على المخالفة المفسدة لا محالة.
أو أنه أمر تكليفي فعلي لجعل المحل أمنا مما حذر ارتكابه في غيره وكل منهما صحيح ولا منافاة بينهما. كما أنّه يصح أن يكون الأمن فيه من القسم الأخير ، أي أمن الدنيا والآخرة.
وفي الآية المباركة امتنان عظيم على أهل الحرم ورواده ، من جعل البلد آمنا في نفسه ومأمنا لأهله وغيرهم.
قوله تعالى : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ). مادة (رزق) تستعمل في العطية الجارية ، مطلقا ، مادية كانت أو معنوية ، كالعلوم والمعارف.
ومن أسمائه تعالى رازق ، ورزّاق ، وخير الرازقين ، لعلمه جل شأنه