مورد دعوة الأنبياء (عليهمالسلام) جميعا ، لأنهم يدعون إلى المعبود الواحد حين كان لكل قبيلة بل لكل طائفة منها معبود خاص وينكرون وحدة الله جلت عظمته ويتعجبون منها قال تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [سورة ص ، الآية : ٥] بل لم يستعمل لفظ «واحد» في القرآن إلّا مضافا اليه عزوجل.
وفي الآية المباركة إيجاز بعد اطناب والتقييد بالوحدة لدفع توهم تعدد الآلهة كما عليه الوثنيون.
قوله تعالى : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). أي : نحن له منقادون ومستسلمون لإرادته. وهذا تثبيت للمطلب بنحو الجزم والعلم ، وبيان لكون العبادة لا تكون إلّا على طريق الإسلام.
قوله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ). مادة (ا م م) تأتي بمعنى القصد ، وتختلف استعمالاتها باختلاف المتعلق ، فتستعمل تارة في الجملة كما في المقام. واخرى : في الفرد الذي يكون كالجماعة في العقل والكمال والقدرة كما في قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [سورة النحل ، الآية : ١٢٠]. وثالثة : في الملة والدين. ورابعة : في «حين» إلى غير ذلك من الاستعمالات التي تعرف بالقرائن.
و «خلت» بمعنى مضت كما في قوله تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٣٧] وهو في الأصل الانفراد ، فكأن ما مضى قد انفرد عن الحاضر ، وفي الحديث : «إن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه».
والكسب العمل الذي يجلب به النفع أو يدفع به الضرر ، ولذا لا يطلق معناه على الله لاستحالته بالنسبة إليه تعالى. ويستعمل بالنسبة إلى كل من أعمال الجوارح والقلوب قال تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٥] ، وقال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [سورة الروم ، الآية : ٤١]. وقد استعملت هذه المادة بهيئات مختلفة في القرآن الكريم.