سلوكه والتي لها التأثير في تشكيل حياته ، بل يعتبر عامل المادة له الأثر الكبير في سلوك الإنسان ، وزاد بعضهم أن الأفكار والمشاعر والرغبات والقيم الخلقية والجمالية هي وليدة النظام الاقتصادي وما يستلزمه من العلاقات بين الأفراد بعضهم مع بعض ، وان المنفعة سواء في شكلها الحسي أو العقلي هي وحدها الخير الأقصى والمرغوب لذاته ، وانها السعادة ، والضرر والألم وحده هو الشر الأقصى ، فالأفعال الإنسانية لا تكون خيرا إلّا إذا حققت النفع مطلقا وإذا جلبت ضررا أو عاقت عن وصول النفع كانت شرا.
وبالجملة : إنّ في هذا الاتجاه على اختلاف مذاهبه يتوجه النظر على نتائج الأفعال وآثارها ، بلا فرق بين أن تكون المنفعة فردية حسية عاجلة ، كما في مذهب القورنائيين أو حسية وعقلية وروحية كما في مذهب الابيقوريين ، وجميعهم أصحاب اللذة الفردية الانانية. نعم ، تحول بعض المذاهب إلى منفعة المجموع والقول بالصالح العام ولكنه لا تخرجها عن ابتغاء اللذة والمنفعة ، ولذا دعوا جميعا ب (الانانيين) حتّى في تصورهم للصالح العام ، وتشترك جميع هذه المذاهب في تقييد حرمة الفرد ، والقول بالجبر الأخلاقي والفوضى في الأخلاق. ومن ذلك يعرف أنّه لا علاقة بين الفكر الفلسفي والمذهب الخلقي في هذا الاتجاه.
الاتجاه الصوفي :
وفي هذا الاتجاه يتنكر الإنسان للمادة في جميع مظاهرها ، وأنّ العزوف عن ملاذ الدنيا هو المناط في الأخلاق الفاضلة ، ويرى أصحابه أنّ السعادة هي الابتعاد عما يشغل بال الإنسان عن التفكر ، والكمال هو الوصول إلى مرحلة يصل بها إلى درك الحقائق ، وفي هذا الاتجاه تعتبر المحبة أصلا لكل خير.
هذه هي الاتجاهات الأساسية للمذاهب الأخلاقية المختلفة المتعددة وهي جميعها قد أخفقت في حلّ المشكلات الخلقية للإنسان سواء الفردية أو الاجتماعية ، ولم يصل الفرد بها إلى ما يصبو من السعادة والكمال بل لم تجلب للإنسان إلّا الشقاوة ، والوقوع في صراعات فكرية لا يجتنى منها فائدة تذكر.