العرفان من التدويني ، والتكويني ، والآفاقي ، والأنفسي التي يأتي شرحها في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
ويمكن أن يكون المراد بالكتاب جنس ما فرضه الله تعالى على عباده ولو على ألسنة أنبيائه.
والإيمان بالكتاب هو إيمان بما جاء به الأنبياء والمرسلون وهو يستدعي الامتثال بما جاء فيه.
وإنّما أتي عزوجل هذا اللفظ مفردا للإشارة إلى عدم الفرق بين جميع الكتب الإلهية ما لم يثبت النسخ بالقرآن فإنّ القانون واحد نزل من واحد لغرض واحد كما عرفت.
قوله تعالى : (وَالنَّبِيِّينَ). النبي هو معلم البشر من قبل الله تعالى يبين القانون الإلهي ، وهو يدعو إلى الكتاب والكتاب يدعو إلى النبي فهما متحدان في الواقع ومختلفان بالاعتبار بل يصح أن يقال : إنّ النبي عقل من الخارج والقوة المدركة للكتاب المميز بين الحق والباطل أو بين الخير والشر عقل من الداخل ، وكل منهما يدعو إلى الآخر فلا أثر لقول الأنبياء مع عدم العقل ، كما لا اثر للعقل مع عدم الاعتقاد بالأنبياء ، هذا ما أثبته أكابر الفلاسفة والمتكلمين في مباحث النبوة وتدل عليه نصوص كثيرة ستأتي في موردها.
والإيمان بالأنبياء هو الاهتداء بهديهم والاستنان بسنتهم وامتثال أوامرهم والانتهاء عما نهوا عنه.
وإنّما أتى سبحانه «النبيين» بلفظ الجمع للدلالة على أن المطلوب الإيمان بجميع الأنبياء لا سيما خاتمهم (صلىاللهعليهوآله) فإنّ الإيمان به إيمان بجميع من سبقه من الأنبياء لأنّه المخبر عنهم والحاكي قصصهم والناقل إلينا معاجزهم ، ولو لا ذلك ما وجدنا إلى معرفتهم سبيلا وبذلك تنتهي أصول الإعتقاد.
قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ). من هنا يبتدئ القسم الثاني الذي يتعلق بتهذيب النفس بالأعمال الصالحة.