وقيل اشتقاقه من الإيالة بمعنى السياسة. تقول العرب : (ألنا (١) وإيل علينا) أى سسنا وسيس علينا ، أى ساسنا غيرنا. وعلى هذا يكون معنى التأويل أن يسلّط المؤوّل ذهنه وفكره على تتبّع سرّ الكلام إلى أن يظهر مقصود الكلام ، ويتّضح مراد المتكلّم.
والفرق بين التفسير والتأويل أن التفسير هو البحث عن سبب نزول الآية ، والخوض فى بيان موضع (٢) الكلمة ، من حيث اللغة. والتأويل هو التفحّص عن أسرار الآيات ، والكلمات ، وتعيين أحد احتمالات الآية. وهذا إنّما يكون فى الآيات المحتملة لوجوه مختلفة ، نحو (وَأَسْبَغَ (٣) عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) وكقوله : (فَمِنْهُمْ (٤) ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) ، وكقوله : (وَالشَّفْعِ (٥) وَالْوَتْرِ) ، وكقوله : (وَشاهِدٍ (٦) وَمَشْهُودٍ) فإن هذه الآيات ونظائرها تحتمل معانى مختلفة ، فإذا تعيّن عند المؤوّل أحدها ، وترجّح ، فيقال حينئذ : إنّه أوّل الآية.
وأمّا المعنى فمن طريق اللغة : المقصد. يقال : عناه يعنيه أى أراده وقصده. فيكون معنى الآية : ما به يظهر حكمة الحكيم فى نزول الآية. ويكون قصد (٧) من يروم سرّ الآية إلى خمسة (٨).
وقيل اشتقاق المعنى من العناية ، وهى الاهتمام بالأمر ، يقال : فلان
__________________
(١) أ ، ب : «التأويل» والتصحيح من مفردات الراغب فى (أول)
(٢) أ : «موضوع»
(٣) الآية ٢٠ سورة لقمان
(٤) الآية ٣٢ سورة فاطر
(٥) الآية ٣ سورة الفجر
(٦) الآية ٣ سورة البروج
(٧) سقط فى ب
(٨) كذا فى أ ، ب ولا معنى له هنا. والظاهر أنه محرف عن «فهمه» أو «محنته» أى اختباره وكشقه ففى التاج عن الأزهرى «معنى كل شىء محنته وحاله التى يصير إليها أمره»