والثالث أن يكون صلة ليسعى. والأظهر فى هذه السّورة أن يكون وصفا ، وفى يس أن يكون صلة. وخصّت هذه السّورة بالتقديم ؛ لقوله تعالى قبله : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) ثم قال : (وَجاءَ رَجُلٌ) وخصّت سورة يس بقوله (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) لما جاء بالتفسير (١) أنّه كان يعبد الله فى جبل ، فلمّا سمع خبر الرّسل سعى مستعجلا. قوله (سَتَجِدُنِي) (٢) (إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِين َ) [وفى الصّافات (٣) : (مِنَ الصَّابِرِينَ (٤)) ، لأن ما هنا من كلام شعيب ، والمعنى : ستجدنى من الصالحين](٥) فى حسن العشرة ، والوفاء بالعهد ، وفى الصّافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه (أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) فأجاب (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) أى على الذبح.
قوله : (رَبِّي (٦) أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ) وبعده : (مَنْ جاءَ) (٧) بغير باء. الأوّل هو الوجه ؛ لأن (أعلم) هذا فيه معنى الفعل ، ومعنى الفعل لا يعمل فى المفعول به ، فزيد بعده باء ؛ تقوية للعمل. وخصّ الأوّل بالأصل ، ثم حذف من الآخر الباء ؛ اكتفاء بدلالة الأول عليه. ومحلّه نصب بفعل (٨) آخر ، أى يعلم من جاء بالهدى. ولم يقتض تغييرا ، كما قلنا فى الأنعام ؛ لأنّ دلالة الأول قام (٩) مقام التغيير. وخصّ الثانى ؛ لأنه فرع.
__________________
(١) فى ب والكرمانى : «فى التفسير».
(٢) الآية ٢٧.
(٣) زيادة من شيخ الاسلام ٣ / ١٠٩.
(٤) الآية ١٠٢.
(٥) زيادة من شيخ الاسلام ٣ / ١٠٩.
(٦) الآية ٣٧.
(٧) الآية ٨٥.
(٨) أ ، ب : «الفعل» وما أثبت عن الكرمانى.
(٩) كان المناسب أن يقول : «قامت» وكأن المضاف اكتسب التذكير من المضاف اليه ويريد بالتغيير أن يقال فى الثانى : أعلم من يجىء