الإنسان عن سائر الحيوان ؛ والآية الثانية مشتملة على خمسة أشياء يقبح تعاطيها وارتكابها ، وكانت الوصيّة بها تجرى مجرى الزّجر والوعظ ، فختم الآية بقوله : (تَذَكَّرُونَ) أى تتّعظون بمواعظ الله ؛ والآية الثالثة مشتملة على ذكر الصّراط المستقيم ، والتّحريض على اتباعه ، واجتناب منافيه ، فختم الآية بالتّقوى الّتى هى ملاك العمل وخير الزّاد.
قوله : (جَعَلَكُمْ (١) خَلائِفَ الْأَرْضِ) فى هذه السّورة ، وفى يونس (٢) والملائكة (٣) (جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) لأنّ فى هذه العشر الآيات تكرّر (٤) ذكر المخاطبين مرّات ، فعرّفهم بالإضافة ؛ وقد جاء فى السّورتين على الأصل ، وهو (جاعِلٌ (٥) فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (جَعَلَكُمْ (٦) مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ).
قوله : (إِنَّ رَبَّكَ (٧) سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وقال فى الأعراف (إِنَّ رَبَّكَ(٨) لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لأنّ ما فى هذه السّورة وقع بعد قوله (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) فقيّد قوله : (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) باللّام ترجيحا للغفران على العقاب. ووقع ما فى الأعراف بعد قوله : (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) وقوله : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) فقيّد العقاب باللّام لما تقدّم من الكلام. وقيّد المغفرة أيضا بها رحمة منه للعباد ؛ لئلّا يترجّح جانب (٩) الخوف على الرّجاء. وقدّم (سَرِيعُ الْعِقابِ) فى الآيتين مراعاة لفواصل الآى.
__________________
(١) الآية ١٦٥.
(٢) الآية ١٤.
(٣) الآية ٣٩.
(٤) أ ، ب : «مكرر» وما أثبت عن الكرمانى.
(٥) الآية ٣٠ سورة البقرة .. ويبدو أن فى الكلام سقطا ، وأن الأصل «كما جاء الكلام على الاصل فى قوله تعالى : جاعِلٌ ..»
(٦) الآية ٧ سورة الحديد
(٧) الآية ١٦٥
(٨) الآية ١٦٧
(٩) أ : «جالب».