صلوات الله وسلامه عليه ، فاجعلنى ـ جعلنى الله فداك ـ ذلك البريد ، فلا أتمنى شيئا سواه ولا أريد.
شوقى إلى الكعبة الغرّاء قد زادا |
|
فاستحمل القلص الوخّادة الزادا |
واستأذن الملك المنعام دام علا |
|
واستودع الله أصحابا وأولادا |
فلما وصل الكتاب إلى السلطان كتب إليه : إن هذا شىء لا ينطق به لسانى ، ولا يجرى به قلمى. فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت. فكيف يمكن أن نتقدم (١) ، وأنت تعلم أن الله قد أحيا بك ما كان ميّتا من العلم. فبالله عليك إلّا ما وهبت لنا بقيّة هذا العمر. والله يا مجد الدين يمينا بارّة ، إنى أرى فراق الدنيا ولا فراقك ، أنت اليمن وأهله.
وقد بقى فى اليمن مغمورا ببرّ الأشرف إسماعيل. ويظهر أن المجد ألحّ عليه أن يأذن له فى الحج ، فأذن له. ففى سنة ٨٠٢ حجّ ، وأقام بمكّة بعد الحجّ ، وبنى له دارا على الصّفا. ونراه يقول فى مادة (ص ف و) فى القاموس : «والصفا من مشاعر مكّة بلحف أبى قبيس. وابتنيت على متنه دارا فيحاء». وفى هذه الدار أتم القاموس ، فهو يقول فى خاتمة هذا الكتاب : «وقد يسّر الله ـ تعالى ـ إتمامه بمنزلى على الصفا بمكّة المشرّفة ، تجاه الكعبة المعظمة ، زادها الله تعظيما وشرفا ، وهيّأ لقطّان باحتها من بحابح الفراديس غرفا»
ويذكر الفاسىّ فى العقد الثمين أنه جعل هذه الدار مدرسة باسم الملك الأشرف ، ورتّب فيها مدرسين للحديث ، وفقه مالك وفقه الشافعى.
__________________
(١) كذا. وكأن المراد : أن نتقدم بالاذن لك.