فاذا علق الحاكم في لحاظ التجريد حكم الكلية على الطبيعي فقد علّقه على الموضوع المجرد واقعا الغير الملحوظ وصف تجريده قيدا ، لكن الموضوع ذو تضيّق واقعي ، حيث انه مجرد وليس بلا مجرد ، وهكذا الكلام في موضوع الطلب ، فالصلاة الملحوظة خارجا وباللحاظ الحكائي هو الموضوع ، بحيث لا ينظر الى قيده من الملحوظيّة مع ثبوتها واقعا ، فلم يتعلق الحبّ واقعا ولم يلتصق الا بالموضوع اللحاظي ، لكن لم يلحظ لحاظيته قيدا فيه.
ومثل ذلك يقال في المقام بانّ موضوع الطلب هو المقدمة في لحاظ الايصال لا بقيد الايصال ، بمعنى ان المريد للكون على السطح حين ينقدح في نفسه الارادة التفصيلية بالنسبة اليه والى مقدماته ، يرتصف تلك المقدمات في ذهنه ، ويقع كل عقيب الآخر ويتصل سلسلتها الى ذي المقدمة ، وفي هذا اللحاظ يكون متلبسة بالايصال الفعلي ، لفرض انتهاء السلسلة الى ذي المقدمة ، فاذا انقدح الإرادة في هذا اللحاظ فقد عرض على الموضوع المتقيد بالايصال واقعا الغير الملحوظ وصف ايصاله بنحو القيدية ، وقد عرفت انه في غير هذا اللحاظ لا ينقدح في نفسه الارادة بحكم الوجدان ، وحينئذ نقول صدق هذا الملحوظ على الخارج وتطبيقه عليه يتوقف على كون المقدمة في الخارج موصوفة بالايصال ، لانه المنطبق مع ذاك الملحوظ ، واما المقدمة الفاقدة لهذا القيد فلا تطبيق بالنسبة اليه ولا صدق ، لاعتبار التوافق والتطابق بين الحاكي والمحكي والمرآة والمرئي.
وبعبارة اخرى حيث ان الطلب بواقعه قد تعلق بالموضوع اللحاظي ، فالمصاديق الحقيقية لموضوعه هو الموضوعات اللحاظية ، ولكن حيث ان اللحاظ حكائي عن الخارج ، واذا نظر الى نفسه ليس فيه مطلوبية ، فلا جرم لا بد ان يكون مصاديقه ما يصدقه اللاحظ في لحاظه الحاكي من الامور الخارجية ، ويتقبله مصداقا لملحوظه ، فلا جرم يكون مصداق المامور به ما لو عرض على اللاحظ صدّقه ، وهذا يتوقف على تمام الموافقة ، وإلّا فلا تصديق ، فلم يأت بما هو المصداق بحسب تصديق اللاحظ ، والمقدمة الغير الموصلة هكذا ، فلا يحسبه اللاحظ مصداقا لما لاحظه ، لما يرى من المخالفة في البين ، فلا يتصف هذا الفرد بالمطلوبية.
فان قلت : يلزم على هذا انه لو كان للواجب عشر مقدمات مثلا ، فأتى المكلف بواحدة منها وتوقف كان مكلفا بعشر مقدمات ايضا لا بالتسع ، ويكون حاله مع من لم يأت بشيء من المقدمات على السواء ، اذ الاتيان بما ليس بفرد كعدم الاتيان رأسا ، فلم يسقط الامر ، فعليه الاتيان بالمقدمة المأتية ثانيا. قلت : ليس بفرد واقعا ، لان اللاحظ لا يصدقه ، ومع ذلك لا يلزمه الآمر بالاتيان ثانيا ، فان الآمر لا يلزم ولا يبعث إلّا نحو ما انطبق عليه الصورة اللحاظية ، وعلى هذا فلو بدا للمكلف وأتى ببقية المقدمات يحصل الانطباق حينئذ ، فلا داعي