ولكن فيما ذكره نظر ، بل الامر بالعكس ، فيلزم صحة الوضوء على تقدير اخذ الشرط هو الفعل الخارجي ، كما هو المراد بالترتب على ما يأتي في محله ، بخلاف ما اذا أخذ الشرط هو العنوان الانتزاعي ، للزوم التكليف بما لا يطاق ، حينئذ.
وجه الفرق انه لو اخذ الفعل الخارجي شرطا فعين البيان المتقدم يجري فيه ، بمعنى ان التكليف بترك الغصب يقتضي هو منع تحقق الغصب والاغتراف الذي هو ظرف للتكليف بالوضوء ؛ وبعبارة اخرى : تكليف «لا تغصب» ليس هذا الظرف اعني ظرف تحقق الغصب ظرف اقتضائه ترك الغصب ، بان يكون مقتضاه «اترك الغصب في ظرف كونك مرتكبا للغصب» بل مقتضاه التاثير في اعدام هذا الظرف عن البين وتبديله بنقيضه ، وهكذا الحال في جميع التكاليف المتعلقة بالفعل او الترك ، فانه ليس لها نظر بالنسبة الى وجود متعلقها من الفعل والترك وعدمه ، لا بنحو الاطلاق ، ولا بنحو التقييد ، مثلا لا يصح ان يقال : اضرب ان كنت تضرب ، او ان كنت لا تضرب ، او في كلتا الحالين ، وليس حال هذين كحال سائر احوال المكلف مثل القيام والقعود ، فانه يصح اضرب ان كنت قائما ، او ان كنت قاعدا ، او في كلتا الحالين ، واما بالنسبة الى صدور نفس المتعلق وعدم صدوره فلا يصح شيء من الاطلاق والتقييد ، بمعنى انه ليس فعالية الامر في متعلقه في ظرف نفسه او ظرف نقيضه ، بل عنانه متوجه نحو نفس هذين الظرفين بتثبيت احدهما واعدام الآخر.
ثم لا فرق في هذا بين ملاحظة وجود المتعلق وعدمه بنحو العنوان الانتزاعي ، اي كون المكلف ممن يفعل المتعلق او يتركه ، وبين ملاحظتهما بنحو نفس الفعل والترك الخارجيّين وهذا واضح.
هذا حال الامر بالضد الاهم وهو ترك الغصب في مقامنا ، فهو في مقام اعدام هذا الظرف الذي هو تحقق الغصب واثبات نقيضه الذي هو ترك الغصب.
واما الامر بالضد المهم وهو الوضوء فهو يكون على نحو الواجب المشروط ، يعني انه في تقدير ملاحظة كون الغصب مفروغ الوجود يقتضي اتيان الوضوء ، والامر بهذا النحو لا اقتضاء له بالنسبة الى الامر المفروض الذي هو الغصب ، فلا يقتضي ايجاد الغصب مقدمة للوضوء ، لما مر من عدم صحة الامر بالشيء على تقدير وجوده ، واذن فصدور الغصب الخارجي يمنع منه تكليف «لا تغصب» وتكليف «توضّأ» يكون بلا اقتضاء بالنسبة اليه اصلا ، وانما يتعرض انه على تقدير تحققه فالتكليف هو الوضوء ، والتكليفان بهذا الوجه لا يقتضيان الجمع.
واما ما استشكله الفصول على هذا من انه يلزم تاخر زمان الوجوب عن زمان الفعل فلا يبقى مورد للتكليف ؛ فهو ايضا غير وارد ، لما سيتحقق انه مع العلم بتحقق الشرط في الواجب