ان العمل المضاف اليه بسبب هذا الامضاء القربى يكون عملا بلا داعي الامر ، ولا يوجب اضافة العمل المأتي بداعي الامر اليه ، اذ هو متعلق بعمل النائب وجاعل له عملا لنفسه لا بشيء آخر ، وهو عمل بغير داعي الامر.
واما التنظير ببناء المسجد ففي غير المحل فان عمل البناء ينسب الى كل من المباشر والسبب على وجه الحقيقة ، فكل منهما كان بداعي الامر تحقق العبادة بالنسبة اليه ، لا من جهة عمل الغير ، بل من جهة عمل نفسه ، وهو التسبيب في السبب ، والمباشرة في المباشر ، اذ الفرض ان البناء يصدق حقيقة على التسبيب كما يصدق على المباشرة كذلك ، فاذا كان نفس التسبيب لبناء المسجد مطلوبا فقد تحقق العبادة للسبب من جهة عمل نفسه مع قصد الامر الموجود في نفسه ، فبينه وبين المقام الذي لم يتحقق من المنوب عنه حركة اصلا ولو تسبيبا وانما يراد تصحيح اضافة حركة الغير اليه بسبب رضاه وتقبل المولى بون بعيد.
واما الرابع فمع احتياج حصول القرب للمنوب عنه الى امضاء المولى وتقبله ايضا لا وقع لهذا الايراد ، فانّه لا بد حينئذ من ان يكون الشخص المباشر الحاضر في صف سلام المولى قابلا لان يصير عمله محلا لتوجه المولى ونظره ، واما من كان المولى متنفرا عنه غاية النفرة فلا يزيد حضوره في صفّ السلام الا بعدا ، فضلا عن ان يصل درجة القبول. والحاصل ان الجزء الاخير وهو امضاء المولى في هذه النيابة الصادرة من الكافر اما معلوم العدم واما مشكوك التحقق ، والشك ايضا كاف لعدم الدليل حينئذ في مقام الاثبات.
ثم انه قد يجاب عن اصل اشكال تصوير النيابة في العبادة ، بان معنى النيابة اتيان الفعل تقربا الى الله تعالى شأنه عن فلان ، فيوجب حصول الثواب له ، وبعبارة اخرى ينزل نفسه منزلة المنوب عنه في العمل المتقرب به ، فكما لو اتى النائب العمل المتقرب به لنفسه يحصل الثواب لنفسه فكذلك اذا أتى بالعمل المتقرب به لغيره فلازمه حصول الثواب لذلك الغير ، وعلى هذا فالقرب حاصل لنفس النائب دون المنوب عنه ، والثواب حاصل للمنوب عنه.
وقد يجاب ايضا بان حال هذا العمل حال اداء الدين ، فالقرب والثواب كلاهما للفاعل ، والفائدة الراجعة الى من فعل لاجله هو الفائدة الراجعة الى المديون ، وهو رفع العهدة عنه وخروجه عن اشتغال الذمة بحق الله ، فلا يحتاج الى تنزيل ولا نقل ثواب ، ومن هنا يعلم انه مع امكان هذا الوجه يكون الوجه السابق عليه مستدركا ، نعم يعتبران يكون العمل بقصد ان يكون عوضا عما تركه فلان ، كما ان هذا هو الحال في اداء الدين ، فانه لا يحتاج الى تنزيل ولا نقل ثواب ، بل يكون القصد اداء دين فلان ، فهنا ايضا يكون القصد اداء صلاة فلان ، غاية الامر انه يعتبر هنا ان يكون العمل على وجه القرب وبداعي قربى وإلا تقع بلا فائدة ،