اولِيَاءَ). (الجاثية / ١٠)
تكرر في القرآن الكريم تعبير «من دون الله» في وصف معتقدات المشركين وهذا دليل على أنّهم كانوا يتخذون موجودات من دون الله لتكون لهم انصار أو أولياء ، وهذا شرك في الربوبية وليس بشفاعة.
وخلاصة القول أنّ القرآن الكريم قد أورد في آياته المختلفة اعتراضين رئيسيين على المشركين ، وهما أولاً : إنّهم اعتبروا هذه الكائنات الفاقدة للحس وللسمع والبصر مصدراً مؤثراً.
وثانياً : إنّهم يرون فيها أنداداً لله في التدبير والربوبية.
وقد كان لعبدة الأصنام في العصر الجاهلي آراء وكلمات متناقضة طبعاً ، فهم لا يطرحون أقوالهم بلا أي تناقض أو تهافت ، شأن أي إنسان منطقي وواعٍ ، لذا فهم في نفس الوقت الذي يعتبرون الأصنام شركاء لله في حلّ المشاكل ويصوّرونها وكأنّها أولياء وأنصار لهم من دون الله ، فانّهم كانوا يطرحون أيضاً قضية الشفاعة بين يدي الله ، وهذا لا يدل مطلقاً على عدم الاعتقاد بالشرك في الأفعال.
وهذا ما نلاحظه من دراسة مجموعة الآيات السالفة ، واستقراء جميع أحوالهم من خلالها ، ثم أنّهم لا يعتبرون الشفاعة مطلقاً منوطة ورهينة بإذن الله.
وبناءً على هذا فاننا نستنتج وبكل ثقة لو أن الإنسان تمسك بأولياء الله فقط (لا الأصنام الحجرية والخشبية) واعتبرهم ـ دون غيرهم ـ شفعاء له بين يدي الله (لا شركاء له في الولاية والنصرة والتدبير) وأنّ شفاعتهم لا تحصل إلّابإذن الله (لا بصورة مستقلة عنه) فلا اعتراض عليه أبداً في مثل هذه الحالة ، وإنّما يرد الاعتراض حينما يغفل المرء عن واحدٍ من هذه المبادىء الثلاثة أو بأجمها ، ويسلك الطريق الخاطىء.
* * *