٣ ـ فلسفة كتاب الأعمال
ممّا لا شك فيه أنّ البيان المفصل لكتاب الأعمال في الآيات القرآنية والروايات ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من أعمالنا وأقوالنا ونيّاتنا إلّا أحصاها يهدف بالدرجة الاولى إلى إيجاد آثار تربوية على نفس الإنسان.
ولقد ذكرنا أنّ القرآن اتخذ من بيان جميع المعارف الواقعة وسيلة لتهذيب النفوس وتكامل الأرواح وتنمية مكارم الأخلاق وتقوية عامل التقوى عند الإنسان ، كما أنذر الناس كافة ليراقبوا أفعالهم وأقوالهم وسلوكهم وصرّح بأنّ كل شيء في كتاب وسوف تعرض الأعمال من خلاله يوم القيامة من غير نقصان.
حقّاً إنّ الاحاطة العلمية لله تعالى هي فوق كل شيء ، ومن يؤمن إيماناً كاملاً بالاحاطة العلمية لله وحضوره الوجودي في كل شيء وفي كل زمان لا حاجة له بكتاب الأعمال ولكن في الغالب يمكن أن يكون الالتفات لهذه الحقيقة منشأً لكثير من الآثار على أغلب الناس ، فمن يعلم بأنّ هناك أشرطة لتسجيل صوته أينما كان وهناك جهاز مجهز بأفلام لتصوير كل حركاته وسكناته ، سرّها وعلنها ، ظاهرها وباطنها ، وأنّ هذه الأشرطة والأفلام سوف تعرض على شكل ملف كامل غير قابل للانكار في احدى المحاكم الكبيرة ، فيقيناً أنّ مثل هذا الإنسان سوف يراقب كل أفعاله وأقواله وسلوكه بشكل كامل وتكون التقوى هي الحاكمة على ظاهره وباطنه.
إنّ الإيمان بكتاب الأعمال الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّاأحصاها والإيمان بالملائكة الذين يراقبون الإنسان ليلاً ونهاراً ويحصون عليه كل أعماله ، وكذلك الاعتقاد بأنّ هذه الصحف سوف تنشر يوم القيامة في ساحة المحشر ويكشف فيها عن جميع السرائر فتوجب الخزي والفضيحة أمام الأصدقاء والأعداء ، كلّها لها أثر عجيب في الكفّ عن الذنوب وارتكاب المآثم.
هذا على عكس كتاب الأبرار الذي يكون موجباً للفخر والكرامة في المحشر وحتى أنّه أفضل وأعلى وأكثر تأثيراً ممّا ذكر في مقال الشريط والفلم ، وهذا عامل مهم جدّاً للتزود من