في النّار ، ولكن يتّضح من خلال النظرة الاجمالية للآيات المذكورة أنّ خلود الكفّار في النّار امرٌ بديهي لا مفر منه ، إلّاأنّه غير مُسَلّمٍ به لجميع العاصين ، ويستثنى من ذلك كون المعصية أو الذنب على درجة كبيرة بحيث تدفع الإنسان إلى الكفر والخروج عن خط الإيمان ، أو أن يغادر هذه الدنيا وهو غير مؤمن ، وسنصل إلى شرح مفصل عن هذا الموضوع قريباً.
* * *
سؤال : هل أنّ مرتكبي الكبائر مخلدون في النّار؟
هناك فرقة إسلامية تُعرف ب «الوعيدية» (وهي من فرق الخوارج) تعتبر أي ذنب من الكبائر موجباً للكفر وتعتقد أنّ مرتكبه يخلد في النّار ، ويقف في مقابل هذه الفرقة «المرجئة» الذين يقولون : إنَّ الإيمان لا تضر معه المعصية (إحداهما تتصف بالافراط والاخرى بالتفريط!).
قال العلّامة الحلي رحمهالله في (شرح التجريد) بعد أن نقل إجماع واتّفاق المسلمين على العذاب الأبدي للكفّار : «يختلف المسلمون في مرتكبي الكبيرة ، فالوعيدية يعتبرونهم كالكفّار ، لكن الشيعة وكثير من المعتزلة يعتقدون بأنّ عذابهم له نهاية ، ثم أقام الأدلة التي تثبت هذا المعنى».
يقول الشيخ المفيد رحمهالله في «أوائل المقالات» :
«اتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النّار متوجه إلى الكفّار خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والاقرار بفرائضه من أهل الصلاة ، ووافقهم على هذا القول كافة المرجئة وأصحاب الحديث قاطبة ، واجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النّار عامّ في الكفّار وجميع الفساق» (١).
ويستدل هذا الفريق ببعض الآيات القرآنية لإثبات رأيه ، وبالخصوص تلك الآيات القائلة بخلود مرتكبي القتل العمد وآكلي الربا في نار جهنّم وأمثالها من الآيات ، ومن أوسع
__________________
(١). أوائل المقالات ، ص ٥٣.