١١ ـ حبّ الدنيا
حبّ الدنيا رأس كل خطيئة ، ومن العوامل المهمّة في إلقاء الكثير من الناس في نار جهنّم ، كما صرّح بذلك قوله تعالى : (مَّن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مانَشَاءُ لِمَن نُّريدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذمُوماً مَّدحُوراً). (الاسراء / ١٨)
أي إنَّ الأمر ليس بهذه الدرجة من البساطة بحيث ينال أهل الدنيا كل مقاصدهم منها ، بل قد يلجأون إلى الآف الحيل والمساعي ، بل ويضطرون إلى ارتكاب الجرائم والمعاصي من أجل بلوغ بعض من اغراضهم ، لكن جهنّم لهم بالمرصاد ، فتحرق أجسادهم وأرواحهم أيضاً بحكم كونهم «مذمومين» و «مدحورين» ومطرودين من رحمة الله (١).
* * *
١٢ ـ اكتناز الذهب
إنّ اكتناز الذهب وإن كان يُعَدُ واحداً من مظاهر حب الدنيا ، لكن القرآن الكريم قد أكّد عليه وخصّه بالذكر بأعتباره واحداً من الأسباب التي تؤدّي ببني آدم إلى دخول نار جهنّم ، حيث قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ الِيمٍ* يَوْمَ يُحمَى عَلَيهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكوَى بِهَا جِبَاهُهُم وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُم فَذُوقُوا مَاكُنتُمْ تَكنِزُونَ). (٢) (التوبة / ٣٤ ـ ٣٥)
تحتوي هذه الآية على نقاط وبحوث متعددة سنشير إليها في موضعها المناسب ، أمّا ما ينبغي الإشارة إليه هنا فيتلخّص في نقطتين :
الاولى : إلى أي حدّ يُعتبر جمع الثروة اكتنازاً؟ وهذا الموضوع مُختلف فيه كثيراً بين المفسّرين ، وما ورد في الكثير من الروايات عن الشيعة وأهل السنّة ، واتّفقت عليه آراء الكثير من المفسّرين هو : أنَّ المال الذي تؤدّى زكاته لايُعتبر كنزاً (أيُّ مال ادّيت زكاته فليس بكنز) (٣).
__________________
(١). ورد نظير هذا المعنى في سورة النازعات ؛ ٣٨.
(٢). ورد نفس المعنى في سورة الهمزة ، ٢ إلى ٦ ؛ وسورة مسد ، ٢ ـ ٣ ؛ وسورة الحاقة ، ٢٨ إلى ٣١.
(٣). لمزيد من الايضاح راجع التفسير الأمثل ذيل الآية ٣٥ من سورة التوبة.