وقال البعض أيضاً : إنّ الآية : (كُلُّ شَىءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) تشير إلى أنّ الله عزوجل وكل ماخلق بغير أسباب مادّية وبلطفه ورحمته ، خالد ، وأنّ كلمة «وجه الله» تشمل جميع هذه المعاني ومنها الجنّة والنّار وأنّ الفاني والهالك هو عالم المادّة الذي جاء إلى الوجود بعلل مادية.
٢ ـ الوجود الحالي للجنّة والنّار في الروايات الإسلامية
هناك الكثير من الأحاديث الإسلامية تدعم هذا المعنى وتؤكد أنّ الجنّة والنّار مخلوقتان حالياً ، ومن جملة ذلك ماورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام حين سأله أحد أصحابه عن الجنّة والنّار هل هما مخلوقتان؟ قال عليهالسلام : «وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد دخل الجنّة ورأى النّار لمّا عُرِج به إلى السماء». فقال له السائل : إنّ قوماً يقولون إنّهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين. فقال عليهالسلام : ماأولئك منّا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنّة والنّار فقد كذّب النبي وكذّبنا» (١).
ووردت في الكثير من الروايات الإسلامية المتعلّقة بمعراج النبي صلىاللهعليهوآله إشارات إلى موضوع الجنّة والنّار ووجودهما حالياً وهي تشكل في الحقيقة تأكيداً لما ورد في الآيات التي تناولناها بالبحث وأشار إليها القرآن الكريم في سورة النجم أثناء الحديث عن معراج النبيصلىاللهعليهوآله.
قال علي بن إبراهيم في تفسير هذه الآية : (وَلَقَد رَءَاهُ نَزْلَةً اخرى * عِندَ سِدرَةِ المُنتَهَى) «... وأمّا الرد على من أنكر خلق الجنّة والنّار فقوله عندها جنّة المأوى ، أي عند سدرة المنتهى ، فسدرة المنتهى في السماء السابعة وجنّة المأوى عندها» (٢).
وهناك روايات تؤيد هذا المعنى جاءت في مصادر أهل السنّة ومصادر الشيعة بخصوص ولادة السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام جاء فيها أنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله قال : «لما عرج بي
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ١١٩ ، ح ٦.
(٢). تفسير علي بن إبراهيم ، ج ٢ ، ص ٣٣٥.