أو (جنتان) ، فنقرأ قوله تعالى : (وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِى مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ). (النساء / ١٣)
وفي قوله تعالى : (واللهُ يَدْعُوَا إِلَى الْجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِاذنِهِ). (البقرة / ٢٢١)
وفي قوله تعالى : (وَلِمَن خَافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ). (الرحمن / ٤٦)
فهذه الكلمات (جنات ، جنتان ، جنة) مشتقة من مادة (جنّ) على وزن (فَنّ) وهو الستر والتستر ، ويقول الراغب في مفرداته ستر شي من الحس ، وعلى هذا الأساس له مشتقات كثيرة.
«والجنّة» : بمعنى البستان وذلك لأنّ أرضها مستورة بأغصان الأشجار ولكن صاحب كتاب مقاييس اللغة يقول : الجنّة مايصير إليه المسلمون في الآخرة وهو ثواب مستور عنهم اليوم ، ولكن نحن نستبعد هذا المعنى وذلك لأنّ بساتين الدنيا يقال لها أيضاً جنّة وهذا لا يكون إلّالسبب ستر أرضها بواسطة أغصانها ، (تأمل).
و «الجنين» : الولد في بطن امّه ، والجَنان : القلب لأنّه مستور في الصدر والمِجَن : الترسُ ، وكل ما استتر به من السلاح فهو جنة (على قول صاحب مقاييس اللغة) و (الجِن) و (الجان) يطلق على الموجودات الحيّة المستورة عن أعين الخلق ، وكذلك على الثعابين العظيمة تشبيها لها ب «الجن» (الذي هو موجود خطر خفي) ، ويطلق على عظام الصدر ـ جناجن ـ ولعل السبب في هذه التسمية كونها درعا لحفظ القلب.
«جنون» : بمعنى ذهاب العقل واصل الجنون هو الستر ، جنون الليل : سواده وستره للاشياء ، على أيّة حال فإنّ المهم في هذا الموضوع هو أنّ بساتين الجنّة كثيفة الأشجار إلى درجة سترت أرضها بأغصانها المتدلية.
ولقد وردت في عشرات الآيات بعد ذكر (جنات) جملة (تجري من تحتها الأنهار) وهذا يدل على أنّ الماء يجري دائماً تحت الأشجار وبتعبير آخر أنّ أغصان أشجارها تظل على المياه التي تجري تحتها ، فيكون الماء تحتها (تأمل جيداً) ، وهذا يعود إلى :
أولاً : أنّ الماء والشجر يشكلان مع بعضهما البعض منظراً جميلاً في منتهى الروعة والجمال ، وكأنّ كل واحدٍ منهما ناقص ويحتاج إلى اكمال من الآخر.