ومن العجب أنّ الآلوسي قد التفت في آخر كلامه بشكل عابر إلى هذه النكتة ، ولكنه عاد وأدار مسير الحديث معترضاً بقوله : «إن كان المقصود هذا فلماذا يختار علياً عليهالسلام لأداء هذا العمل من بين الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين» (١).
إنّ الإجابة عن هذا السؤال واضحة : وهي أنّ الإمام علي عليهالسلام رجل شامخ وذو درجة رفيعة وكان مجهول القدر في الامة الإسلامية ، فشاء الله تعالى وعن هذا الطريق أن يبرز مقامه الرفيع لكافة الناس.
والشاهد على هذا الكلام أنّ هناك روايات كثيرة رويت عن طرق أهل السنّة تدلّل على أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله قال بحق الإمام علي عليهالسلام : «يا علي أنت قسيم النّار والجنّة».
ومن جملة هذه الأحاديث :
١ ـ ينقل «ابن المغازلي» في كتاب «مناقب أمير المؤمنين عليهالسلام» عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إنّك قسيم الجنّة والنّار» (٢).
٢ ـ ورد نفس هذا المعنى أيضاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في مناقب الخوارزمي (٣).
٣ ـ ينقل ابن حجر في الصواعق المحرقة عن (الدار قطني) ، قال الإمام علي عليهالسلام ضمن خطاب طويل في الشورى التي أوصى بتشكيلها عمر (الستة أشخاص) : هل فيكم رجل غيري ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بحقّه : «ياعلي أنت قسيم الجنّة والنّار؟!» فأجاب الجميع : كلا (٤).
٤ ـ لقد خصص «الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه «ينابيع المودة» باباً تحت هذا العنوان (في بيان كون علي عليهالسلام قسيم الجنّة والنّار) ونقل في هذا الباب الكثير من الروايات (٥).
__________________
(١). تفسير روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ١١٨ و ١١٩.
(٢). احقاق الحق ، ج ٤ ، ص ٢٥٩.
(٣). المناقب ، ص ٢٣٤.
(٤). الصواعق المحرقة ، ص ١٢٤.
(٥). ينابيع المودة ، ص ٨٣.