فانَّ غَزَالَك الذى كُنْت تَدَّرِى |
|
اذا شِئْت لَيْثٌ خادِرٌ بين أشْبُلِ |
قال أبو زيد تَدَّرِى تَخْتِل وقال آخر
فانْ كُنْتُ لا أَدْرِى الظِّباءَ فانَّنِى |
|
أدُسُّ لها تَحْت التُّراب الدَّوَاهِيَا |
وأنشد أحمد بن يَحيى ثَعْلَب
إمَّا تَرَيْنِى أذَّرِى وأَدَّرِى |
|
غِرَّاتِ جُمْلٍ وتَدَرَّى غِرَرِى |
واختلفوا فى الدَّرِيَّة ـ وهو البَعِير الذى يَسْتَترِ به الصائِد من الوَحْش حتى يُمْكِنَه رَمْيها فقال أبو زيد فيما حُكِى عنه هى مَهْموزَة لانها تُدْرأُ نحو الوَحْش أى تُدْفَع فأمَّا من لم يَهْمِزها فانه يُمْكِن أن يكون من الدَّرْء ـ الذى هو الدَّفْع فَخَفَّف ويُمْكِن أن يكون من الادِّراء ـ الذى هو الخَتْل لها والاحْتِيالُ عليها فى الاسْتِتار عنها حتى تُرْمَى ظاهرا فأما الدَّرِيئَة للحَلْقة يُتَعَلَّم عليها الطَّعْن فرواها السُّكَّرى مَهْموزة فيما أنشد عن أبى زيد
كأنَّ دَرِيئَةٌ لَمَّا التَقَيْنا |
|
بنَصْل السَّيْف مُجتَمَعَ الصُّدَاع |
أى الرأْس وكذلك قول الجُهَنيَّة صاحبةِ المَرْثِيَّة أنشده مهموزا
أجَعَلْت أسْعَدَ للرِّماحِ دَرِيئَةً |
|
هَبِلَتْك أُمُّك أىَّ جَرْد تَرْقَعُ |
ويقال دَرَيت الشىءَ ودَرَيْت به* قال سيبويه* وتَعدِّيه بحَرْف الجَرِّ أكْثَرُ فى كلامهم وأنشد أبو زيد
أصْبَح من أسْمَاءَ قَيْسٌ كقابِضٍ |
|
على الماءِ لا يَدْرِى بما هو قابِضُ |
فاذا قال دَرَيت الشىءَ فكان المعنَى على ما عليه هذا البابُ تَأَنَّيت لفَهْمه وتلَطَّفت وهذا المعنَى لا يَجُوز على العالِم بِنَفْسه وقد أجاز أحدُ أهل النظرِ ذلك واستشهد عليه بقول بعضهم
* لا هُمَّ لا أدْرِى وأنْت الدَّارِى*
وهذا لا يَثْبُت فيه لأنه يَجُوز أن يكونَ من غَلَط الأعْراب فكأنه سَمِع دَرَيت وعَلِمت يُسْتعمل كلُّ واحدٍ منهما مَكان الآخر كَثِيرا فظن أنَّهما فى كُلِّ المَواضع