حاتم* رجُل عَلَّام وعَلَّامَةٌ وعَلِيم وقد عَلُمَ وعَلِم* صاحب العين* أَعْلَمْته الأمْرَ وأعْلَمْته به وعَلَّمْته إيَّاه فَعَلِمَه وتَعَلَّمَه* قال سيبويه* أعْلَمْت كآذَنْت وعَلَّمْت كأذَّنْت وخَبَّرْت* قال أبو علىّ* وكِلَاهما مُتَعدٍّ* قال* وسُمِّىَ العِلْم عِلْما لأنه من العَلَامة ـ وهى الدَّلالة والأمَارة ومنه مَعَالِمُ الأرض والثَّوْب* ابن السكيت* تَعَلَّمْت أنّ فُلانا خارِجٌ بمَنْزلةِ عَلِمْت وأنشد
تَعَلَّمْ أنَّه لا طيْرَ الَّا |
|
على مُتَطَيِّر وهى الثُّبُور |
* قال* واذا قيل لك تَعَلَّمْ أنّ فُلانا خارِجٌ لم تَقُل قد تَعَلَّمْت ولكِنَّك تَقُول قد عَلِمْت* قال أبو على* ومما هو ضَرْب من العِلم قَوْلُهم اليَقِين ولا يَنْعَكِس فَنَقُول كل يَقِين عِلْم وليس كلُّ علم يَقِينا وذلك أنّ اليَقِينَ عِلْم يَحْصُلُ بعدَ استِدْلالٍ ونَظَرٍ لِغُمُوض المَعْلوم المَنْظور فيه أوْ لاشْكالِ ذلك على الناظِر* على* ولذلك قالَتِ الأوائِلُ إن اليَقِينَ هو العِلْم الثانِى أى انه لا يُعْلَم ولا يُدرَك عن بَدِيهة ولكِنَّه بعد بَذْلِ الوُسْع فى التَعَقُّب وإنعام النَّظَر والتَّصَفُّح* قال* ويُقَوِّى ذلك قولُه تعالى (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) ثم ذَكر بعدُ ما كان من نَظَره واستِدْلاله ولذلك لم يَجُز أن يُوصَف القَدِيمُ سبحانه به لأنه لا يُوصَل الى طَبَقة التَّيَقُّن الا بعد التَّطَرُّق اليها بالتأمُّل والتصفُّح والمقابَلة بين مَعاقِد الرأْى ومقَاصِده والله تعالى لا يَلْحقُه ذلك فليس كل عِلْم يقينا لأن من المَعْلومات ما يُعْلَم من غير أن يَعْتَرِض فيه تَوَقف أو موضِع نَظَر* على* يعنى نحو ما يُعْلم ببَدَائِه العُقُول والحوَاسِّ كالقَضايا المنقَسِمة الى أربعة أقْسام وهى المَعْقول كقولنا العَقْل مُدْرِك لما أُعْمل فيه والمَحْسوسُ كقولنا الشمسُ طالِعة أو غارِبَة والمشهور كقولنا إن شُكْر المُنْعِم حَسَن وكُفْرَه قَبِيح وإنَّ بِرَّ الأبَوَين لازِمٌ والمَقْبول وهى القَضِيَّة التى تُؤْخَذُ عن واحدٍ ثِقَة مُرْتَضًى أو جَمَاعةٍ ثِقاتٍ مُرْتَضَيْن فهذا كله من المُقَدِّمات التى حَصَلت فى النَّفْس من غير بَحْث ولا قياس* قال أبو على* ويُؤَكِّد ما ذكرنا من ذلك قول رُؤْبة
يا دَارَ عَفْراءَ ودارَ البَخْدَنِ |
|
أما جَزَاءُ العارِف المُسْتَيْقِن |