استوت في الحكم ، فلا معنى للانتقال من جهة إلى جهة وحكمها واحد ، وإما لتعذّر الانتقال ، هذا هو الحكم العام في المسلمين كافّة.
وأما العلماء فلهم حكم آخر ، وهو أنهم ورثة الأنبياء عليهمالسلام ونحن نحكي ذلك مرفوعا «أن العلماء ورثة الأنبياء وفي الآخرة من الشهداء» ، ونحن نروي : «أن للأنبياء على العلماء فضل درجتين ، وللعلماء على الشهداء فضل درجة» ، فإذا كان كذلك وقد علمنا أن فرض الأنبياء عليهمالسلام معاشرة الكفار والفراعنة لإيصال حجة الله إلى عباده ، فكذلك العلماء لئلا تبطل حجج الله تعالى ؛ لأن العالم إذا هرب من الجهّال والكفّار بعلمه ولم يوضّح حجة الله تعالى على عباده كان قد أخلّ بما يجب عليه لربّه ، وهذا في غير أعصار الأئمة عليهمالسلام فأما في أعصارهم فيجب ردّ الأمر إليهم في الإثبات ، والنفي ، والفعل ، والترك ، لقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] ، وأولو الأمر هم : الأئمة ، وقال تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء : ٨٣] ، فيجب على الأمة في وقت الإمام رد الأمر إليه ، قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب : ٣٦].
وحكم أهل بوادي صنعاء حكم أعراب المسلمين على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس لهم حكم أهل الهجرة ولا حكمهم حكم الكفار ، وعلى المسلمين لهم النصر إن احتاجوا إلى ذلك ، إلا على قوم بيننا وبينهم ميثاق.