أهله قد أضربوا عنه أعني عما في العزم وعن إيثاره في الحب كان له أخذه وجرى بمنزلة الجرابة في النخل ، والحفالة (١) في العنب ، والسقاطة (٢) في الزرع ، وكان للعرف تأثير في الإباحة ، وإن كان صاحب العذوق إذا أراد الاستقصاء على العزم أو الاستنصاف منعه صاحب الجرين فذلك لا يجوز والحال هذه ، وإنما له الكراء ولصاحب الحب حبه إن كان الجرين في ملكه أو في عفو لا مالك له ، أو في ملك غيره وأباح له ذلك دون غيره وأذن له في الانتفاع من الغير بما يجري مجرى الكرى فيما هذا حاله جاز الكرى وكان ما اجتمع معه مما ذكرتم مردود إلى أربابه إن أمكن تمييزه ومعرفتهم ؛ فإن تعذر تمييزه وتمييز مقاديره كان راجعا إلى بيت المال ولم يصح له تملكه.
السابع والثلاثون [ظهور زرع في ديار قد خلت لمن يكون]
قالوا أيدهم الله تعالى : ما ترى في قوم نزلوا في موضع ملك لغيرهم أو أوقاف من الأرض ، أو ملك أحد منهم ، والباقون لا ملك لهم ، ثم شدوا عنه ووقع الغيث وظهر في دمنهم زرع ، وأهل البذر متساهلون في ذلك غير طالبين فلمن يكون الزرع؟
الجواب عن ذلك وبالله التوفيق : أن الزرع يكون عن الأحوال كلها لبيت المال لأن البذر لم يتعين مالكه ، وإن تعين فصورة مسألتكم بهم تنبي عن أنهم قد بذروه وأضربوا أو أضرب عنه صاحبه ، وما هذه حاله من الأموال يرجع إلى بيت المال.
__________________
(١) حفالة الطعام ما يخرج منه فيرمى به والحفالة بقية التفاريق والأقماع من الزبيب والحشف والحفالة أيضا بقية الأقماع والقشور في التمر والحب والحفالة قشارة التمر والشعير.
(٢) سقاطة : السقاطة ما سقط من الشيء.