وعونه وتأييده كانوا عالة فأغناهم ، ومستضعفين فملكهم ، وعلى مثل ذلك يحمل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] معناه أعطاكم آلة السير وقدرته في البر الظهر والقدرة ، وفي البحر الرياح والألواح ، ثم إن قصدتم في فعلكم رضا الله تعالى كنتم قد أطعتموه ، وإن قصدتم هوى نفوسكم كنتم قد عصيتموه ، وعلى مثل هذه المعاني يحمل ما شاكل هذه الآيات بأنه تعالى نهانا عن المسير في معصيته ، وأمرنا بالنفير إلى طاعته ، فلولا أنها أفعالنا لم يصح ذلك فيها ، كما لم يصح في صورنا وألواننا ، فتفهم ذلك.
مسألة [في الهدى والضلال]
قال أرشده الله : قالت الزيدية : إن الله تعالى لا يضل ولا يغوي أحدا من العباد ، ولا يصدهم عن الرشاد ؛ وهذا باطل لقوله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣] ، وقوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) [البقرة : ٢٦] ، وقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الرعد : ٣٣ ، الزمر : ٢٣] ، وقوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧] ، وقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ، وقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [الأعراف : ١٥٥] ، وقوله : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) [النحل : ٣٧] ، وقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم : ٤] ، وقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام : ١٢٥] ، وقوله : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام : ٣٩] ، وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] ، وقوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود : ٣٤].