المسألة التاسعة [في توقيت الأفعال]
ما حكى الشيخ السائل أنه قال للمطر في الضال ، المنكر لحكمة الكبير المتعال : هذه الأفعال التي توجد عند تناول الجمادات مثل الري والشبع والسكر أفعال ضرورية متى فعلها سبحانه في الوقت أو قبل الوقت أو بعده ، فقال : قد ركب الجسم وجبره على ذلك ، وليس الوقت يوجب قصد الشيء ، ألا ترى أن الباري خلق الأصول والوقت في غير وقت فإذا أوجبت أن ما حصل في الوقت يكون غير مقصود.
الجواب عن ذلك : أن السؤال في هذه الضرورية متوجه عليه ، والدليل على ذلك : أنه إذا قال : جبر الباري سبحانه ذلك الجسم عليه وهو قوله ، قيل له : إذا كان قد جبره عليه يوم خلقه وجب أن يحصل الري والشبع والسكر لجميع الناس في جميع الأوقات ، ومعلوم خلافه لأن المجبور مع الكل على سواء لفقد الاختصاص ، وإن كان جبره على ذلك عند تناوله فهذه مقالة الحق وهي موضع الخلاف ، وإن قال بعد فلا قائل به.
وأما قوله : خلق الأصول والوقت في غير وقت ، فالوقت جزء من الزمان الذي هو الليل والنهار ولا وقت ، ولا بد مما يتقدر وقتا في حصول الأصول فالمقدر ليس بشيء ، فيقال : هل خلق في وقت أم لا؟ لأن ما ليس بشيء لا يقال خلق ، ولكنه أدخل نفسه في شيء قبل معرفته.
وقوله : إذا أوجبت ما يحصل في الوقت يكون مقصودا أوجبت ما يحصل في غير الوقت أن يكون غير مقصود فهو كما ذكرنا ، وهذه عادتهم يجمعون بين الأمرين بغير علة جامعة ولا طريقة رابطة ، وهذا شأن الجهل لأن الجهل لا حواجز له ولا حدود ، والحديث ذو شجون.
روى السيد الشريف نظام الدين يحيى بن علي العلوي السليماني الحسني